مصر تعزز احتياطيات الذهب.. اشترت 18,1 ألف أوقية    أوروبا: «رسوم ترمب» تعطل التجارة العالمية    العرب يتبنون خطة إعمار غزة ويرفضون التهجير    وزير الخارجية : المملكة ترفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضهم    الكرملين: بوتين يوافق على وساطة بين واشنطن وطهران    أمريكا تدرج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية    أفضلية طفيفة لباختاكور في أوزبكستان بعد أداء باهت من الهلال    8 جامعات تتنافس على لقب دوري كرة الطائرة    باختاكور يتفوق بهدف على الهلال في دوري أبطال آسيا    الداخلية تحبط محاولات تهريب أكثر من 500 ألف قرصا خاضعا لتنظيم التداول الطبي    محافظ الطائف يستقبل السفياني المتنازل عن قاتل ابنه    محافظ الطائف يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية بالمحافظة الإفطار الرمضاني    سيميوني وأنشيلوتي.. مواجهة كسر عظم    عصام الحضري يهاجم حسام حسن «لا شكل ولا أداء ولا فكر»!    بعد تعرضه لوعكة صحية.. أشرف زكي يطمئن جمهوره عبر «عكاظ»: إرهاق شديد سبب الأزمة    المرصد الإعلامي ل"التعاون الإسلامي": اعتداءات قوات الاحتلال على المساجد في الضفة الغربية تصل ذروتها    حصل على 30 مليوناً من «أولاد رزق».. إلزام أحمد عز بزيادة نفقة توأم زينة إلى 80 ألف جنيه شهرياً    192 نقطة انخفاض للأسهم.. التداولات عند 6.4 مليار ريال    فيصل بن فهد بن مقرن يطلع على برامج جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية بحائل    أمير المدينة يكرم الفائزين بجوائز مسابقة "منافس"    "الجميح للطاقة والمياه" توقع اتفاقية نقل مياه مشروع خطوط أنابيب نقل المياه المستقل الجبيل - بريدة    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد الدويد بالحدود الشمالية ويحفظ مكانته    هطول أمطار في 6 مناطق.. والمدينة المنورة تسجّل أعلى كمية ب13.2 ملم    أمانة المدينة تعزز خدماتها الرمضانية لخدمة الأهالي والزوار    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعزز أعمالها البيئية بانضمام 66 مفتشًا ومفتشة    أمير المنطقة الشرقية يستقبل المهنئين بشهر رمضان    طلاب جمعية مكنون يحققون إنجازات مبهرة في مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم    1.637 تريليون ريال إيرادات ⁧‫أرامكو بنهاية 2024 بتراجع طفيف مقارنةً ب2023    بالأرقام.. غياب رونالدو أزمة مستمرة في النصر    أكبر عذاب تعيشه الأجيال ان يحكمهم الموتى    من الرياض.. جوزيف عون يعلن التزامه باتفاق الطائف وسيادة الدولة    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    في بيان مشترك..السعودية ولبنان تؤكدان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    قدموا للسلام على سموه وتهنئته بحلول شهر رمضان.. ولي العهد يستقبل المفتي والأمراء والعلماء والوزراء والمواطنين    تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل المهنئين بشهر رمضان    مهرجان "سماء العلا" يستلهم روح المسافرين في الصحاري    عقوبات ضد الشاحنات الأجنبية المستخدمة في نقل البضائع داخلياً    غزارة الدورة الشهرية.. العلاج (2)    ليالي الحاده الرمضانية 2 تنطلق بالشراكة مع القطاع الخاص    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    تعليم الطائف ينشر ثقافة الظواهر الجوية في المجتمع المدرسي والتعليمي    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    أمير القصيم يرفع الشكر للقيادة على إعتماد تنفيذ مشروع خط أنابيب نقل المياه المستقل (الجبيل – بريدة)    جمعية «أدبي الطائف» تعقد أول اجتماع لمجلسها الجديد    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    حرس الحدود ينقذ (12) شخصًا بعد جنوح واسطتهم البحرية على منطقة صخرية    خديجة    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم مآدب إفطار رمضانية في نيبال ل 12500 صائم    استخبارات الحوثي قمع وابتزاز وتصفية قيادات    «الغذاء والدواء»: 1,450,000 ريال غرامة على مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    أطعمة تكافح الإصابة بمرض السكري    التسامح...    6 مجالات للتبرع ضمن المحسن الصغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤامرة الكونية
نشر في الشرق يوم 05 - 03 - 2012

إذا كنت من هواة الجلطة ومن عشّاق النزيف الدماغي فما عليك إلا أن تُشعر نفسك بأن العالم متآمر عليك وأن من حولك يدبّرون لك المكائد لأنك عند نفسك خطير جداً ومهم ورقم صعب، والصحيح أنك لست مهماً لهذه الدرجة ولا رقماً صعباً ولا يدري بك أحد ولم يتآمر عليك بشر ولم يشعر بك من حولك والناس مشغولون عني وعنك بخبز أطفالهم وفواتير متطلباتهم، ولكن الصحيح أنك مصاب بمرض اسمه عقدة المؤامرة وهذا المرض صوّر لك أن جيرانك يتربصون بك الدوائر وأن أصدقاءك يخططون للإيقاع بك وأن صاحب البقالة يغشك دائماً وأن الأستاذ في المدرسة يخص ابنك بالضرب والإهانة، إذاً فكل الدنيا تحاربك وهذا هو المرض الوهمي الذي ينبغي أن يتخلص منه الإنسان في أقرب وقت، والذي يشعر بعقدة المؤامرة يظهر من كلامه ومن كتاباته أنه يريد الانقضاض على المجتمع والانتقام من الناس والقصاص من كل أحد فهو لا يرى إلا مساوئ الناس ولا يشاهد إلا عثراتهم وقد أعمى الله بصره وبصيرته عن محاسنهم ونجاحاتهم فهو كالذباب لا يقع إلا على القذى ولا يحمل إلا الأذى، وأنا أضرب لك مثلاً: البس ثوباً جديداً وتطيب بطيب فاخر وعدل من هندامك وحسّن من هيئتك ثم اجلس في مكان عام وانتظر قليلاً فسوف يمر بك ذباب ولكنه لا يقع على ثوبك الجميل الأبيض ولا على غترتك الباهية ولا على ساعتك اللمّاعة ولا على قلمك الزاهي البارع وإنما سوف يبحث عن جرح في جسمك أو دمّل في أقدامك أو أثاليل في يديك أو قذى في حذائك ليقع عليه وهذا مَثَل المريض بعقدة المؤامرة فهو دائماً يسب ويشتم ويلعن ويصارع الوهم ويقاتل الأشباح في الظلام ويفتعل الخصومات وهمّه الهدم والتّنقص والثلب والانتقام والتّشفي والنقد الآثم، إذا دخل عصفور بستاناً فإنه سوف يبحث عن غصن ميّاس مائل يرقص مع النسيم فيقع عليه ليغني نشيد الحب والسلام ويتلو قصائد الود والوفاء لأن نفسه عذبة مشرقة، ولكن إذا دخلت حيّة حديقة فإنها سوف تبحث عن جحر تختفي فيه وتخرج رأسها المملوء سماً لتلدغ أول داخل في الحديقة، فهي تركت الجداول والخمائل وباقات الورد وصفوف الزهر والثمار اليانعة وبحثت عن كمين تتوارى فيه لأنها عدوانية تحمل غدد الحقد والكراهية والموت، وهذا مِثل الإنسان الثعبان فهو لا يفكر إلا في الوثوب على الناس والانتقام منهم، وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم المسالم بالنخلة التي لا تُطلع إلا رطباً وتمراً فهي عالية عن الدنايا مرتفعة عن السفاسف دائمة الخضرة إذا رُميت بحجارة أسقطت تمراً على من رماها، ووصف المؤمن أيضاً بالنحلة التي لا تخرج إلا عسلاً فهي تمر بالحقول والحدائق فلا تقع إلا على الأزهار والثمار فتمتص رحيقها النافع اللذيذ لتخرجه للناس شراباً مختلفاً ألوانه فيه شفاء للناس، إذاً فعلينا أن نكنس الذاكرة من أوهام العدوان والكراهية ونغسل القلوب بماء المحبة والسلام من غدد الحقد والبغضاء والحسد، إن الإنسان العدواني هو نفسه الضحية وليس غيره لأنه يقتص للناس من دمه ولحمه وأعصابه ونومه وراحته بحقده عليهم وحسده لهم وتربص الشر بهم وهو لا يدري أنه حوّل قلبه إلى فرنٍ يشتعل ناراً ويضطرم سعيراً ويتّقد حريقاً ولو أنه جعل روحه حديقة من الإيمان والحب والسلام والرضى والسكينة لصار رحمةً على نفسه وعلى أسرته وعلى مجتمعه، إن الذين يتبرّمون بالناس ويتذمّرون ممن حولهم ويشكون واقعهم ويلعنون الظلام إنهم السبب الوحيد فيما حل بهم وإلا فالدنيا جميلة والأخيار كثير وفرص النجاح وافرة وأبواب الأمل مفتوحة ولكن تلك الفصيلة من البشر التي لا تعرف إلا العداء والانتقام لا ترى غير الشر والحرب والبؤس والنكد والموت، كتبوا في الثورة الفرنسية عن شاعرين متفائل ومتشائم فالمتفائل يتكلم عن طلعة القمر وبهاء الشمس وروعة النجوم وجمال الحدائق والمتشائم يتحدث عن سواد الليل وانصرام العمر وشبح الشيخوخة وألم الفراق وكلٌ يُعبِّر عن نفسه ولهذا ذكر الله هاتين الروحين المؤمنة المطمئنة والفاجرة الشاكة فقال تعالى: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ) والوحي هو الوحي والرسول هو الرسول ولكن اختلفت القلوب التي تلقّت هذه الرسالة واستقبلت هذا الوحي، وجرّب نفسك وأنت تلقي كلمة في محفل أو مجلس فسوف يحملها الأسوياء العقلاء الراشدون على أحسن المحامل ويلتمسون مواطن الجمال فيها، بينما سوف يفهم منها أهل النقد الآثم والثلب والتّنقص غير ما تريده أنت ويكتشفون فيها عيوباً ومقاصد خفية لا تريدها أنت في كلامك كما قال الشاعر الأول :
فعين الرضى عن كل عيب كليلةٌ
كما أن عين السخطِ تبدي المساويا
وكما قال الشاعر الشعبي:
ما يستشك يا حسين كود الرديّين
والا ترى الطيّب وسيعٍ بطانه
إن الأصل في الناس الخير وفي الحياة الجمال فلماذا نغيّر سُنة الله في خلقه فنجعل البريء متهماً حتى تثبت براءته والفاضل شريراً حتى يثبت فضله حينها سوف تتحول الحياة إلى غابة من الدسائس والمؤامرات ولهذا يقول بعض الناس: لا تغتر بمظاهر هؤلاء الذين يدّعون الصلاح فإنهم دجاجلة ومزوّرون وكلامهم خطأ بل الأصل أنهم أهل خير حتى يظهر ضد ذلك، لأن السرائر لا يعلمها إلا الله وفي الحديث: «إني لم أومر ببقر بطون الناس ولا بشق قلوبهم»، وقال عمر بن الخطاب: من أظهر لنا خيراً ظننا به خيراً، ومن أظهر لنا شراً ظننا به شراً، أما سريرته فالله يحاسبه عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.