جدَّد المرشح الجمهوري المحتمل لرئاسة الولاياتالمتحدة، دونالد ترامب، هجومه على منافسه في الحزب، تيد كروز، الذي فاز في الانتخابات التمهيدية في ولاية ويسكونسن، في وقتٍ تتجه فيه أنظار المرشحِين إلى أصوات نيويورك. ووصف ترامب، وهو رجل أعمال وملياردير في قطاع العقار، منافسه بالكاذب. واتهمه بالحقد على قيم نيويورك، مدافعاً عن المدينة التي جمع فيها ثروته ومشيراً إلى الشجاعة التي أبدتها بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001. وخاطبَ قطب العقارات أنصاره، خلال تجمُّع حاشد مساء أمس الأول في بيثبيج قرب نيويورك، قائلاً «لقد عشناها (الأحداث) جميعاً، وجميعنا نعرف أشخاصاً قُتِلوا فيها». واستدرك «وهناك شخص يأتي لكي يتحدث عن قيم نيويورك بحقد، أعتقد أن بإمكانكم تجاهله، انسوه! إنه تيد الكاذب» مكرراً العبارة أكثر من مرة وساخراً من عدد الأشخاص الذين جمعهم منافسه في تجمعٍ في برونكس في وقتٍ سابقٍ الأربعاء. ولا يزال ترامب متقدماً في الانتخابات التمهيدية لحزبه. لكن هزيمته في ويسكونسن كبحَت تقدمه للحصول على تسمية الجمهوريين له مرشحاً بلا منازع من أجل خوض السباق الرئاسي في نوفمبر المقبل. ولم يأتِ قطب العقارات، خلال كلمته في بيثبيج، على ذكر هزيمته الأخيرة، وقال «إنه لأمر جيد أن أكون في دياري، أنا أعشق نيويورك» قبل أن يبدأ هجوماً لاذعاً على منافسه. وحضر آلاف المناصرين المتحمسين للاستماع إلى الكلمة في المنطقة الواقعة في جزيرة لونغ أيلاند التي يستغرق الوصول إليها ساعة من مانهاتن. وعلى مسافة قريبة من موقع التجمع؛ تظاهر مناهضون لمتصدر السباق الرئاسي الجمهوري وسط هتافات «دونالد ترامب يجب أن يرحل». وكُتِبَ على اللافتات التي رفعوها «أسقِطوا ترامب». واتهمته ديبورا بوب، وهي أحد سكان بيثبيج وتنوي التصويت للديمقراطي بيرني ساندرز، بكراهية النساء وحب الحرب، ووصفته ب «رجل خطير جدّاً»، متابعةً «لا أريده رئيساً للبلاد». ونُشِرَت أعدادٌ كبيرة من الشرطة لضمان الأمن. ولم يُسمَح للمناصرين الذين حضروا بإدخال حقائبهم أو استخدام أحد المواقف القريبة، وأُرغِموا على ترك سياراتهم بعيداً والسير على الأقدام أو استخدام حافلات مخصصة لنقل المشاركين. وعادت إيفانكا، ابنة ترامب، إلى الحملة الانتخابية بعد أسبوع فقط على إنجابها طفلها الثالث، وقدمت والدها أمام الحشود عند بدء التجمع. وعبَّر الحاضرون عن ارتياحهم لوعوده المعتادة بالقضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي وإعادة الوظائف إلى البلاد وبناء جدار على طول الحدود المكسيكية. ورددوا «الجدار.. الجدار»، وهتف آخرون «نريد ترامب» معتمرين قبعات طُبِعَ عليها شعار حملته «إعادة العظمة إلى أمريكا». وقدَّر المرشح المثير للجدل عدد من حضروا للاستماع إليه ب 17 ألف شخص، لكن دون أن يتسنى التأكد من الرقم من مصدر مستقل. وبينَ الحاضرين شباب ومتقاعدون وعائلات كما هي العادة. لكن بعضهم لم يخف قلقه أمام حدة التصريحات. وذكرت دورين لامبرت، وهي صحفية محلية، أنها لا تشكُّ في كفاءة مرشحها ترامب. لكنها شددت «إنه ليس سياسيّاً معصوماً من الخطأ»، واتهمته بالمبالغة في مواقفه ولو بدافع الشغف، قائلةً «في بعض الأحيان أنظر إليه وأشعر بالإحراج». في ذات السياق؛ أظهر استطلاعٌ للرأي أجرته «رويترز/ إبسوس» أن تأييد الجمهوريين لكروز، وهو سيناتور عن تكساس، يكاد يتعادل على مستوى البلاد مع التأييد الذي يحظى به متصدر سباق الحزب. وتزامنت نتيجة الاستطلاع مع إعلان نتيجة انتخابات ويسكونسن. وهذه هي المرة الأولى منذ نوفمبر الماضي التي يهدد فيها أحد المتنافسين صدارة ترامب للسباق الحزبي. وتحقَّقت مكاسب سيناتور تكساس في وقتٍ صعب يمر به ترامب الذي اضطر إلى التراجع الأسبوع الماضي عن دعوته إلى معاقبة النساء اللائي يجرين عمليات إجهاض إذا تم تجريمها. وحصل كروز على 35.2 % من تأييد الجمهوريين مقابل 39.5% لترامب في الاستطلاع الذي شمل آراء 568 جمهوريّاً وأُجرِيَ في الأيام الخمسة الأولى من أبريل الجاري. فيما حصل المرشح الثالث، جون كاسيتش، على 18.7 %. ويمثل فارق الدقة في الاستطلاع 4.8 نقطة مئوية وهو ما يتجاوز الفارق بين المرشحَين الأول والثاني. وكان الفارق بينهما تقلص بشدة لفترة وجيزة أوائل الأسبوع الماضي. وقبل شهر واحد؛ كان كروز متخلفاً عن ترامب في استطلاعات «رويترز/ إبسوس» بنحو 20 نقطة. وبدا لافتاً تراجع تأييد أعضاء الحزب لمتصدر السباق خصوصاً بين النساء في الأسابيع الأخيرة. وأبدت أكثر من 70 % من الناخبات رأياً سلبيّاً تجاهه. في الجهة المقابلة؛ تصدَّرت هيلاري كلينتون السباق الديمقراطي بفارق حوالي 7 نقاط متقدمةً على السيناتور فيرمونت ساندرز الذي فاز في آخر محطات الانتخابات التمهيدية. ورغم الهزيمة الأخيرة لكليهما؛ يتطلع ترامب وكلينتون إلى المحطة المقبلة من الانتخابات التمهيدية في ال 19 من الشهر الجاري في ولاية نيويورك، إذ تعد فرصهما كبيرة للغاية. ومساء الثلاثاء في ويسكونسن الواقعة شمالي الولاياتالمتحدة؛ تمكَّن كروز من تحسين مواقعه من حيث عدد المندوبين مع بقاء الفارق كبيراً، إذ بات لديه 510 أصوات مقابل 743 لمنافسه، علماً أن الغالبية المطلقة هي 1237 مندوباً. لكن تقدُّم سيناتور تكساس، المدعوم من نخبة حزبه وحركة حزب الشاي المتشددة، قد يحول دون حسم ترشيح ترامب في المؤتمر العام للحزب المقرر عقده في يوليو المقبل في كليفلاند (أوهايو). وعزا ترامب هزيمته الأخيرة إلى حركة مناهضة له، قائلاً إنها أنفقت ملايين الدولارات على دعاية مضللة من أجل وقفه. ووصفت حملته، في بيانٍ لها، المنافس ب «أسوأ من دمية، إذ يستخدمه قادة الحزب لكي يحرموا ترامب من التعيين في المؤتمر». وفيما فاز كروز الثلاثاء بقرابة 48.3% من الأصوات؛ ذهبت 35% إلى ترامب، فيما نال حاكم أوهايو، جون كاسيتش، 14%. والمحطة المقبلة المهمة ستكون نيويورك، حيث يُرجَّح فوز ترامب في الولاية التي تشكِّل مقر إمبراطوريته العقارية. كما يُرجَّح فوز كلينتون التي تولَّت منصب سيناتور عن الولاية لمدة 8 سنوات (2001-2009) وأقامت مقر حملتها في بروكلين. وبعدها؛ يُنظَّم اقتراع «الثلاثاء الكبير» مُجدَّداً في ال 26 من الشهر نفسه في بنسلفانيا «شرق» و4 ولايات أخرى. وكتب كروز على «تويتر» الأربعاء «الليلة الماضية كانت نداءً أطلقه سكان ويسكونسن لأمريكا يقول: لدينا الخيار»، مبلِغاً صحفيين في نيويورك التي توجَّه إليها لبدء الدعاية «أعتقد أنها منعطف، وسنفوز في هذه الانتخابات». ودعا في الوقت نفسه إلى وحدة الحزب، قائلاً «إذا وحدنا صفوفنا فسنفوز، وليس إذا بقينا منقسمين». وتعتمد استراتيجيته على الوصول إلى مؤتمر حزبي «مفتوح» ينبثق فيه المرشح الذي يحظى بإجماع كل المعارضين لترامب. وهذا أيضاً هو هدف حاكم أوهايو الذي لا يملك أي فرصة لتحسين مواقعه. وفي هذه الحالة؛ تجري عملية تعيين المرشح بشكل مفتوح على كافة الاحتمالات. وسيحظى غالبية المندوبين بحرية التصويت حسب رأيهم الشخصي بدلاً من الالتزام بنتيجة الانتخابات التمهيدية. ويتهم ترامب منافسه بالتزوير والتواطؤ مع القاعدة التقليدية للحزب. وسيبقى الترقب قائماً حتى عمليات الاقتراع التمهيدية الأخيرة المرتقبة في ال 7 من يونيو خصوصاً مع تصويت ولاية كاليفورنيا الكبرى. في الجهة الأخرى؛ هزم ساندرز الثلاثاء كلينتون التي مُنِيَت بخسارتها السادسة في آخر 7 عمليات انتخابية. وتتجه الأنظار الآن إلى نيويورك على غرار المعسكر المقابل. وأخبرت وزيرة الخارجية السابقة شبكة «سي إن إن» بقولها «أعرف الولاية جيداً ولدي خبرة طويلة»، معبِّرة عن فخرها بأدائها كسيناتور في فترة سابقة. لكن خصمها يراهن على سلسلة انتصاراته، معتبراً أن «دينامية» الانتخابات إلى جانبه. وصرَّح قائلاً «الدينامية هي أننا بدأنا هذه الحملة قبل 11 شهراً فيما كانت وسائل الإعلام تصفنا بالهامشيين». وأقرَّت كلينتون بأن سيناتور فيرمونت شهِدَ ليلة جيدة، متوجِّهةً له بالتهنئة. واستدركت «لكن إذا نظرتم إلى الأرقام فأنا أتقدم عليه بشكل كبير». وهي تركِّز حملتها منذ أيام في المحطة المقبلة، حيث تعدُّ الأوفر حظّاً في الفوز بحسب استطلاعات الرأي. وجمعت كلينتون دعم 1778 مندوباً مقابل 1097 لساندرز بحسب تقديرات شبكة «سي إن إن». والغالبية المطلوبة هي 2383 مندوباً. وردّاً على سؤالٍ حول ما إذا كانت ترغب في انسحاب ساندرز من السباق؛ أجابت كلينتون «لا أطلب منه ذلك ولن أفعل، إنه لأمر رائع أن يكون هناك انتخابات تمهيدية ديمقراطية موضِع منافَسة، لأن هذا يجتذب عدداً أكبر من الأشخاص إلى العملية الانتخابية».