تقاطعت مصادر أمنية أردنية مع مصادر دبلوماسية لبنانية رفيعة في تأكيدها ل”الشرق” على وجود عبور لأفراد من القاعدة والتنظيمات الجهادية المقربة منها إلى سوريا، وذلك عبر لبنان والعراق. بيئة خصبة لصعود السلفية الجهادية قالت المصادر اللبنانية إن بيئة لبنانية أخذت بالتشكل مؤخراً تتصاعد فيها المجموعات السلفية الجهادية، بسبب التحريض المذهبي والتمويل والدعم السياسي من قبل قوى إقليمية ولبنانية معادية للنظام السوري، وحتى الجماعة الإسلامية (الإخوان المسلمين) كونت مليشيات مسلحة، من بينها مجموعة الأسيرية في مخيمات جنوبي لبنان ومجموعة الداعية الشهّال في طرابلس، وتبلور في الفترة الأخيرة على إيقاع التهييج المذهبي والحملة على النظام السوري خطاب صريح معاد للشيعة والأقليات الدينية والمذهبية. وهذا يشكل حاضنة ممتازة للقاعدة في مرورها إلى سوريا، تحت ذريعة ما يقوم به نظام الأسد من أعمال قتل ضد السنة. وأضافت المصادر أن البيئة الرئيسة لصعود السلفية الجهادية تظل في المخيمات الفلسطينية. وأقوى تيار فيها هو تيار “فتح الإسلام” (هذا التنظيم هو على علاقة جيدة مع أجهزة أمن بشار الأسد) الذي تعرض لضربات قوية لكنه لايزال قوياً في المخيمات، وفي هذا الصدد تشير معلومات “الشرق” إلى بدء نوع من التواصل والتنسيق بين سلفيي المخيمات في كل من لبنان والأردن، وخصوصاً “فتح الإسلام” التي تسعى إلى استعادة حضورها في الساحة الأردنية والسورية، سياسياً على الأقل. وقالت المصادر: إن العناصر السلفية الفلسطينية المدربة في مخيمات لبنان تنتظر فوضى في سوريا أو الأردن أو كلاهما للانتقال إلى المخيمات الأردنية وتأسيس بؤر ومناطق مغلقة تحت ستار اللجوء جراء انفلات الأمن، وهو ما بدأ يحصل فعلاً. وبحسب المصادر فإن الانتقال هو بالدرجة الأولى انتقال سياسي من خلال الدعم والتنسيق لكن هناك معلومات حول تسرّب عناصر الأردن. القاعدة اتخذت قراراً بالتوجه لسوريا قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية الباحث حسن أبو هنية ل”الشرق”: إن القاعدة اتخذت قراراً بالتحرك نحو سوريا، وتوقع أن تصبح ظاهرة القاعدة ذات وجود جدي في سوريا خلال الفترة المقبلة إذا استمر الوضع الحالي على ما هو عليه، وسيتكرر السيناريو العراقي وإن بشكل أخف بسبب عدم وجود محتل خارجي. وقال هنية إن قمع الوحشي لنظام الأٍسد وحالة الفوضى التي خلقها شكلت ظروفاً مثالية لتنامي الفكر الجهادي، حيث يندفع شباب سوريون إليه، ثم يتطورون طبيعياً إلى القاعدة، خصوصاً مع تسرب عناصر قيادية إلى سوريا، واستشهد ب”أبو مصعب الزرقاوي” الذي دخل العراق برفقة عدة أشخاص فقط، ليتطور خلال سنوات قليلة إلى مجموعة تضم مئات المسلحين. وقال أبو هنية: إن الحديث عن وجود القاعدة في سوريا كان مبالغاً فيه كثيراً، حيث كان النظام يستخدمه كفزاعة لأمريكا والغرب ولتبرير استخدام القمع، واستشهد خصوصاً بموقف قيادة القاعدة في باكستان وأفغانستان، وموقف كتائب عبدالله عزام الناشطة في “بلاد الشام”، والتي كانت ترى أهمية سلمية الثورة السورية، ونأت بنفسها بوضوح عن التفجيرات التي شهدتها منطقتا الميدان والكسوة. وأشار أبو هنية إلى وجود حالات فردية من تسلل أفراد في القاعدة من العراق إلى سوريا خلال الشهور الأخيرة، ولكن تطوراً كبيراً طرأ منذ شهر ونصف، وظهر واضحاً في مزاج المنتديات الجهادية، مشيراً كذلك إلى تصريحات أيمن الظواهري التي دعا فيها إلى دعم المسلحين في سوريا. وبدأت منذ ذلك الوقت محاولات جدية للتسلل من لبنان. واستشهد أبو هنية بوجود القاعدة الآخذ في التصاعد في سوريا بالأردني أبو البراء الذي قتل في حلب، كما أشار إلى تنظيم “جبهة النصرة لأهل الشام” الذي ينشط في سوريا، وحمص خصوصاً، مركزاً على أنها جماعة لها أمير، ولها سلوك يتضح تماماً منه أنها تتماهى مع القاعدة.