لا يمكن للمملكة ودول الخليج أن تستجيب لدعوة إيران للحوار في هذا الوقت. كيف يمكن للأمة العربية أن تتحاور مع من يُنشب أظافره وأنيابه في لحمها بهذه الصورة؟ والعجيب المضحك أن إيران تدعي أن المملكة هي من اعتدت عليها وزعزعت نفوذها في الدول العربية: العراقوسوريا ولبنان واليمن! ماذا كانت تتوقع إيران من المملكة! أن نتركها حتى تبتلع العالم العربي بأكمله! هل حقاً كانت تتوقع إيران التي بلغ عدد سكانها ال 70 مليونا أن تهيمن على الشرق الأوسط وهي أقل عدداً من دولة عربية واحدة هي مصر! العقود الماضية تؤكد أن إيران كان عندها هذا الطموح. لا شك أن طموحها قد بدأ يتفتت بسبب وحدة الخليجيين اليوم وبدليل دعوات الحوار التي بدأت إيران تُعلن عنها. لكن لا ينبغي أن نفرح كثيراً بهذه الدعوات على الأقل ليس الآن، فالسياسة الإيرانية مواربة ومراوغة وتشبه الزئبق في حركتها. لقد دمرت إيران التعايش الحضاري الذي كان العراقيون يعيشونه منذ قرون، وها نحن ما زلنا نرى المذابح وراء المذابح تحدث هناك، ولا أمل في إيقاف الدم المسفوح رخيصاً في بلاد الرافدين، ما دام أن إيران حاضرة بهذه القوة في العراق. ولا شيء تريده إيران سوى أن يستمر الذبح في العراق, ولا مانع لديها في أن يستمر هذا إلى ما لا نهاية. هي لن تخسر الكثير ما دام أن المقتول عربياً ولا يهمها كثيراً من أي مذهب هو. ينبغي ألا ينخدع أحدٌ هنا، فمن السذاجة أن يظن أحد أن إيران حامية حمى المذهب الشيعي. هي تستغله، لكن الهدف الأساس وما يهمها فعلا هو استمرار هيمنتها ككيان سياسي على العراقوسوريا ولبنان على الأقل، بعد أن فشل مشروعها في اليمن وخسرت معركتها هناك لصالح التحالف الذي يقوده الملك سلمان وأشقاؤه قادة دول الخليج. التسريبات التي وصلتنا عن خلافها مع روسيا يوضح أنها تريدها حرباً دموية حتى النهاية. صحيح أن الروس لم يغادروا المنطقة بعد وما زالوا يقصفون المعارضة بعد إعلان انسحابهم من سوريا، إلا أن الأخبار تتحدث عن اتفاق روسي – أمريكي لتسوية الملف الروسي ورحيل الأسد لجهة غير معلومة. حسناً يبدو أن الحرب الباردة أو حرب الوكالات مع إيران لن تنتهي في المستقبل القريب. لكن لا بد أن نسأل هنا: ما الذي جعل إيران تتغول بهذه الصورة فيما مضى وتكسب أمريكا التي كانت تناصبها العداء فيما مضى؟ إنه عمل اللوبي الإيراني الذي اكتسح العالم. ولا شك أننا -نحن العرب والخليجيين- بالذات مقصرون في هذا المضمار. لا بد أن يكون هناك لوبي خليجي يتحرك في العالمين الغربي والشرقي لممارسة التفاوض والضغط وكسب المواقف. ولا شك أن لوبياً خليجياً موحداً مكوناً من كل دول الخليج يستشعر ضرورة وحدة الكلمة ويعمل في صف واحد وينطلق من غرفة عمليات واحدة، أفضل بكثير من أن تعمل كل دولة خليجية لوحدها ولمصالحها الخاصة. هذا ما نطمح أن يكون في مستقبل الأيام. إن تم هذا فإن المملكة ودول الخليج ستكون فعلا هي المهيمنة على المنطقة.