أن نكتب للأطفال أدباً مقروءاً، أو نحوّله إلى عمل إذاعيّ مسموع من جهة، فيما قد ننتجه من خلال عمل تليفزيوني أيضاً، فهذا صار من أهم الأدوات التي يبرز فيها دور أدب الطفل كمحتوى تربويّ وتعليمي في واقعنا المعاصر الذي يشهد تزاحماً على مستوى تكنولوجيا التعليم الحديث، بشروق شمس الشبكات الإلكترونية ومنتجاتها التي صار التعاطي معها بمنزلة الواجب الحياتي في كل نانو- ثانية، وما سيأتي هو أكثر إدهاشاً. ومجالٌ فنيٌّ مثل أدب الطفل يُعَدّ مجالاً جديداً في ثقافتنا؛ إذ لم تتجل كامل خصائصه بعد. وتبرز صعوبة هذا النوع من الأدب ابتداءً من لغته التي تبدو كأبرز المشكلات التي تواجه كتاب هذا النوع من الأدب باعتباره ظاهرة كبيرة؛ فلغة الأطفال لها خصائصها الصوتية، والصرفية، والمعجمية، والتركيبية، والدلالية. ولهذا وجد الدارسون لأدب الطفل أن لغة الطفل التي يتحدث بها هي الأساس الذي ينبغي أن يبني عليه في تعليمه القراءة والكتابة في بداية مرحلة التعليم، ثم تأخذ المادة التي تتناسب مع قدراته ومهاراته في تعليمه بعد ذلك في التصاعد المرحلي حتى الوصول إلى مستويات متقدمة في هذا المجال. أمّا أن نُعِدّ الطفل ليكون كاتباً، فهذا يظهر مُلازمةً مع أدب الطفل الذي سيكون المادة الرئيسة في بذر عناصر القدرات اللغوية والفنية لدى الطفل، ويكون المحفّز الأولي الجابر لوجدان الطفل كفعل ترويحي وإمتاعيّ أولاً، ثمّ كاهتمام واشتغال مواهبيّ يدفع نحو التميز، ويحقق مساحة وافرة من معاني تحقيق الذات إيجابيّاً. ولعل دور الوالدين كبير في تيسير كل السبل للطفل من أجل إعداده ككاتب منذ طفولته، بل لا بدّ أن تأخذ الأمّ أو الأب أو كلاهما دور المدرب، الذي يحاول أن تكون لدى الطفل ميزة المبادرة في الإنتاج الكتابي، وتشجيع البوادر الأولى، مع التوجيه الوازن بلغة رشيقة وحميمية في إطارها الإيجابي، وكفعل غالباً ما يكون خارج المنهج التعليمي المدرسي. ومن ثم يكون الطفل مثل لاعب كرة السلة الناشئ أو الطفل الذي يتعلم العزف على البيانو، بحاجة إلى تدريب ومران مستمر، لذلك يؤكد التربويون قاعدة «تدرب – تدرب – تدرب»، كما تتكامل مسألة «اقرأ أولاً، واكتب تالياً»، فدون قراءة لن تكون كتابة، وإن كانت فهي ليست ذات قيمة فنية، وكلما زاد نهم القراءة، صارت إمكانية التميز في الكتابة لدى الطفل أكثر. ويعطي كون الوالدين ممارسين للكتابة أهمية كبيرة في نجاح الطفل، خاصة عندما يتم إطلاع الطفل على نماذج مما يكتبه الأب أو الأم. كما يمكن تسجيل الطفل في دروس وورش ذات اهتمام بالكتابة؛ إذ تبين أن نتائج مثل هذا المسار يكفل تزويد الطفل بأدوات الإبداع الكتابي، الذي يجمع بين القراءة والكتابة. ومن أمثلة الطفل الكاتب، أن المواقع الإلكترونية كانت قد تداولت خبراً عن الطفلة «نوراء رعد الهجول» البالغة من العمر ست سنوات كأصغر كاتبة ومؤلفة سعودية، فيما كانت قصتها «فراولة» منتجها الكتابي الأول، حيث ستكون يوماً قادرة، مع الرعاية والاهتمام الأسري، على أن تصبح كاتبة متميزة هي ومثيلاتها.