بأثرٍ رجعيٍّ ومن مكرمات: «أضابير» تركةِ مَن سَبقَه من الوزراء سأل عن وزارته فقال: هي إلى أين؟! ضعوا نقطةً ولنبدأ من أول السطر. سأل سائلٌ عن: «تعليمنا» بواقع، للتعليميين ليس له دافع، إلى الله تُشتكى كّل المواجع.! لا تثريبَ على أيّ وزيرٍ إذا ما دفعه الحنينُ إلى معانقة معشوقته: «الكتابة» ذلك أنّ الحبّ للحبيبِ الأول؛ لكن أن تأتي كتابة المقال من لدنه بهذه السرعة الفائقة وبشيءٍ من ارتباكٍ أعاد فيه: (مقول القول) فإنّ هذا هو الذي ولّد أسئلةً كثيرة من شأنها أن تشتغل على تأويلاتٍ قد تقتضي من الدكتور العيسى كتابة أكثر من مقالة لتكون: «حاشية» بل: «حواشي» على متن ما كان قد دبّجه قبلا الدكتور محمد الرشيد – رحمه الله تعالى -. الأمر الذي سيؤول ب: «العيسى» إلى كتابات المقالات منشغلا بذلك عن تحديد الموقع الذي يجب أن يستقر عليه: «تعليمنا» عسى أن لا يسألنا ثانيةً عن تعليمنا هو صائر إلى أين؟!! ومهما يكن من أمر.. فإن كانت – كتابة المقال – بقرار ذاتي قد جاء من قِبلِه وحدَهُ وذلك من بعد مضي مائة يوم على توليه مقاليد الوزارة فإنه لمؤشرٌ ضمنيّ على أن الوزير حفيٌّ بما يصدر عنه وفق رؤية خاصةٍ به، قد نرى مستقبلا شيئا من مظاهرها في الاستقلال الفردي في شأن إدارته لعجلة التعليم التي هو – وفق تساؤله – لا يعلم إلى أين ستحطّ بها الرحال..!! وإن كانت الكتابة للمقال فحوىً/ وتوقيتاً إنما اتخذت على الحقيقة من بعد: «رأي المستشارين» فليس لهذا من معنى سوى أنّ هذا الطاقم الاستشاري يحتاج إلى إقالة بالاستغناء عنه والبحث عمن هم أكثر كفاءة في الفهم عن: «التعليم» وإصلاحاته من حيث خلفياته ومساراته الزمنية ومجالاته برؤىً استراتيجية تخضع لخططٍ تُعنى بالمفاهم الكبرى – الكونية – للعمل التعليمي وذلك باقتحام مسكوت عنه وهو الأمر الذي يستوجب شجاعة ليسألا.! وليس بخافٍ.. أنّ الحاجة ليست لتدبيج مقال يكون حديثاً للناس – بعد المئوية من تعين معاليه – بقدر ما هي الحاجة ملّحة إلى تنزيل رؤى الدكتور التي صنّف قبلاً فيها كتابا (ماتعاً) تنزيلها واقعاً ليس بالضرورة أن يكون التنزيل عاجلاً – أو نرى آثاره رأي العين – إنما هو تنزيل تلك الرؤى المسددة شيئا فشيئا بحسبانها تحتاج إلى وقتٍ عطفاً على تراكمات إشكالات التعليم، ومن باب أولى أنها تحتاج إلى ما هو أهم إذ تعوزها شجاعةٌ تجعل من الوطن نُصب عينها.. لربما أن الوزير حين اقتعد كرسي: «الوزارة» عذر من سبقه وأدرك يقيناً ب: أن تكتب عن منظومة الخلل شيء لكن أن تحيلها إلى عملٍ إجرائي فشيء آخر دونه خرط القتاد. على أي حال… أوليس الأولى بنا أن نكفّ عن الملامة إذ لعل الوزير- الفاضل – أراد بهذه المقالة أن يقول لنا: يا جماعة الخير لا تحاكموني إلى كتابي وإنما حاكموني إلى واقع الوزارة ومن هنا فلا تنتظروا مني شيئا ذا بال يحدث عما قريب! صحيحٌ ما قلته يا معالي الوزير بلسان حال «المقالة» وأعتذر لك إن بدا شيءٌ من مؤاخذة لك عبر مقالتي هذه (العذر والسموحة يا طويل العمر). بقيت نقطتان.. هما: * ما من أحدٍ قد قرأ المقالة إلا وأصيب بخيبة أمل جراء القتامة التي لفت المقالة من أولها وحتى آخرها، حتى إنّ روح الفأل فيما بين أسطرها قد جاء هو الآخر – إن كان قد مرق- على استحياء إذ كان باهتاً..! فهل أنه كتب علينا أن يكون: «التعليم» نفقا معتماً من كان في داخله لا يمكن أن يهتدي سبيلا بينما الخارج منه قد ضلّ سبيله.!!؟ * تعليمنا إلى أين كان هو السؤال – المفصلي – الذي مضى على طرحه ما يزيد على عشرين عاماً وبما أنه ما ثمّة من خطة – خارطة طريق – فلقد أخفق الوزراء في الإجابة عنه وما لبثوا أن اشتغلوا على إعادته في كل حقبةٍ وزارية في الوقت الذي لم يزل بعد قطار: «التعليم» يغض سيره (مدرعماً) من بدء الطرح للسؤال – المعجزة – وإلى أخ وزير شاء أن يبعث السؤال من مرقده، بيد أنني أشكّ أنّ ثمة قضباناً يحفظ لقطار التعليم خطوط سيره نحو الجادة.