يبدو من الوهلة الأولى تعبير القبعة السوداء، مدلول على غطاء الرأس، لكن الحقيقة هي ترمز إلى مصطلح سلوكي يتقمصه بعض ممن نواجهه في حياتنا اليومية، يتجسدون في شخصية سلبية مُكثرة للعوائق، ناقدة متشائمة حتى في أفضل الظروف، متلبسة بالإحباطً، متوقعة للفشل، عديمة للرضا. فتراهم مكدرين لصفونا، يملكون قواعد مستنبطة على انتقاد كل تصرفاتنا وأحاديثنا. هؤلاء من يُطلق عليهم نمط تفكير «القبعة السوداء». فلنحذر كل الحذر من الإصغاء لهم أو الانجراف معهم، فليس لبقائنا معهم إلا «هم وغم». فكم من موظف جديد يبدأ عمله بكل حماس ينتظر من يرشده على آليات المنظمة من زملائه، إلا والتقى بشخص أو شخصين يبدأون بتحذيره، من المدير المتعالي، متقلب المزاج، متذمرين من ظلمه وجوره، وبعد ذلك تأتي مقولتهم القاضية «الله يعينك مالقيت تتوظف إلا هنا»! وكم من طالب مجتهد قدم على ابتعاث، وبُشر بالقبول، يكاد بعدها أن يطير فرحاً، وما إن تبدأ مباركة الجميع له، إلا وأتى من يبحث عن كسر آماله بمقولة «ترى بترجع ولا بتلاقي وظيفة». وكم من أسرة سعيدة قررت شراء منزل، وبدأت الأم، باختيار الأثاث والديكور، وتنسيق الحديقة بالزهور، إلا وأتى زائر مُعتمر قبعته السوداء، مُحبطاً لمعنويات رب الأسرة أنه استعجل في قرار هو كان يجب عليه الانتظار «لأن البيوت باقي بترخص وبيطيح العقار». كم صادفنا من الأشخاص ليس لهم هواية إلا انتقادنا وتشكيكنا في قراراتنا، شعارهم الدائم «نحنُ من يصنع لك العوائق» اجتنبوهم، وتذكروا قول رسولنا الكريم: (بشِّروا ولا تنفِّروا)