الأراضي البيضاء داخل المدن وخارجها، لم يعجب وزارة الإسكان منها سوى تلك المجاورة لمدارج المطارات! إن تجاهلنا مخالفة معايير سلامة الطيران، فكيف نتجاهل شروط المسكن الصحي، البعيد عن الضجيج والضوضاء الذي تبثه محركات الطائرات؟! في الرياض، حي فاخر، كثير من أهله غادروه، بسبب إزعاج الطائرات التي تستخدم قاعدة الرياض الجوية المجاورة رغم قلتها! فشل التجربة لم يمنع وزارة الإسكان من تكرارها، مع الأخذ في الاعتبار فرق مواصفات البناء في ذلك الحي التي توفر أفضل مستويات العزل، ومنتجات وزارة الإسكان التي لن توفر ربع هذه المواصفات، إضافة إلى كثافة الحركة الجوية في المطارات المدنية! طالما أن وزارة الإسكان تتفنن في ابتكار الحلول، وتكرار التجارب، فلماذا لا تجرّب هذا الحل: تقوم بإنشاء مدن جديدة كلياً على الأراضي الحكومية الشاسعة؟! هذا الحل سيوفر كلفة الأرض التي زادت لدينا عن 50 % من التكلفة الإجمالية للمنزل، فيما المتوسط العالمي لا يزيد على 15 %! ربما تحتج الوزارة بأن توفير الخدمات لهذه المدن سيكون مكلفاً! وأنا أقول هذه التكلفة إن لم تتحملها الدولة، يتم تحميلها على المستفيد، وأكاد أجزم أنها في كل الأحوال لن تصل إلى 15 % من التكلفة للمسكن. سيتم توفير الوحدات السكنية بسرعة، وستكون «المدن الجديدة» بديلاً أفضل للمدن الكبرى لانخفاض تكاليف المعيشة، وستفك عنها الضغط الذي أنهك بناها التحتية والخدماتية، وستخفف الزحام الرهيب الذي جعل العيش فيها أشبه بالصراع! إضافة إلى أن التنمية العمرانية ستوفر فرص عمل جديدة. لا تقولوا إن المحتاجين لن يرضوا بغير المدن الكبرى سكناً! صدقوني أنهم وصلوا إلى مرحلة من «المرونة» تضمن أنهم لن يمانعوا مطلقاً من السكنى في أي مكان، المهم أن يجدوا بيوتاً تؤويهم، ومصدر دخل يوفر لهم حياة كريمة.