لنتخيَّل أنفسنا قليلاً أننا مغتربون عن بلادنا لأجل توفير لقمة العيش لنا ولأبنائنا، كيف سيكون شعورنا، وكيف سيكون حالنا، إن لم نجد مَنْ يرحمنا، ولم نجد مَنْ يواسينا، ويؤانس وحشتنا، ويتعاطف معنا، ويلبي رغباتنا. تخيل نفسك أنك مغترب عن بلادك، وتمضي وقتك في غربةٍ قد تمكث فيها سنة، أو أكثر منغمساً في العمل، تأكل لوحدك، وتعمل لوحدك، وتخدم لوحدك أناساً لا تربطك بهم علاقة سوى العمل، إن أخطأت عاتبوك، وإن قصَّرت زجروك، يتغاضون عن جهودك، ويتجاهلون إيجابياتك، وينتظرون زلَّتك وخطأك، لا أعلم هل هذا هو السلوك الصحيح، الذي حثنا عليه ديننا الحنيف؟! ولا أعلم هل هذا السلوك أُمِر به في دينٍ سماوي، أو «وضعي»؟! ولا أعلم، ولا أعلم، ولأي حال أتألم، فرفقاً بالخدم، رفقاً بالعمالة، رفقاً بهم، ثم رفقاً بهم. رسالتي هذه ناتجة من غيظ سكن أنفاس قلبي حينما رأيت عاملاً في أحد المحلات التجارية، يُذلُّ من كفيله، الذي كان يقول له: «أنت هنا من أجل كذا، وأنا أدفع لك الراتب، وأعطيك كذا وكذا». ماذا لو تغيَّر هذا السلوك، وأصبحت المعاملة الحسنة والعفو والصفح شعارنا؟ حينها ستُشعرهم بالمحبة، والولاء، وستُخفِّف عنهم ألم الوحدة. لذلك.. الله الله بالضعفاء والمساكين، فهؤلاء تركوا بلادهم، وأوطانهم، وتركوا أهلهم، وأولادهم في سبيل الرزق الحلال، فكفى بالغربة والبعد عن الأوطان بلاءً، وختاماً: تذكر أخي، أن أسلوبك في التعامل يساوي مكانتك، فكلما ارتقيت بأسلوبك علت مكانتك.