الخروف: مرحباً يا صديقي الحمار. إنها صدفة رائعة أن نلتقي بعد هذا الغياب. الحمار: كيف حالك؟ الخروف: كما ترى، أرعى بلا انقطاع و»أسمَن» باستمرار. الحمار: منذ فراقنا القسري، افتقدتُ من أتحدث إليه خصوصاً في أمور السياسة والثقافة والفلسفة.الخروف: للأسف فقد انتقل قطيعنا كله إلى مالك جديد، واندمجنا مرغمين بقطيع آخر، متنوع، من «بني حيوان»، وهذا الوضع أدخلنا في حال مهزوزة تنذر على الدوام بالانفجار!الحمار: هل تعني بذلك، أنك تخاف من هذه الخلطة «التعددية»؟الخروف: أبداً... إنما أحاول أن أطرح وأعرض المسألة من زاوية صرف «سوسيو-حيوانية»! فقطيعنا الأول – قبل الانتقال والاندماج – كان وحدوياً ولم يفرّق يوماً بين ذوي «الأُلية»، وذوي «الذَنَب»، أو حتى بين من حَمَل اللون البنّي أو الأبيض أو الأسود.الحمار: يبدو لي أنك نسيت مقولة جدّنا «الحمار الأول»: يجب على كل «حيوان» أينما كان، أن يتعايش مع محيطه، وإلاّ انفرط عقد النظام العام وحصل الانفجار، الذي من شأنه أن يقضي على كل من دبّ على أربع أو انتصب على اثنتين. والآن قل لي، ألا يوجد ضمن تشكيلتكم «التعددية» بعض الحمير؟ الخروف: «متنهداً»: للأسف الشديد. لا! فقد استبدلوا الحمير بالبغال! الحمار «مستنكراً»: استبدلوا الحمير بالبغال! لماذا؟ الخروف: لأنّهم تيوس!الحمار: أرأيت أين يكمن الخلل الذي تشكو منه؟ «محدثاً نفسه» أكاد لا أصدق بأن مجتمعاً ينمو ويزدهر من دون حمير! الخروف: وربما لهذا السبب زادت معدلات الهجرة وكثُر عدد المسافرين. الحمار «باستنكار»: يسافرون؟ إلى أين؟ الخروف: لست أدري، فصباح كل يوم يأتي المسؤولون إلى زريبتنا ويأخذون من بيننا «أسمن» خروف، وأطرى عجل، وأرشق شاة، وأعند جاموس! الحمار: حسناً.. حسناً. ولكن إلى أين يغادرون؟ الخروف: لا أعلم، وكل ما أعرفه أنهم يغادرون عن طريق محطة تُدعى «المسلخ» للنقليات.الحمار «متعجباً»: على كل حال فنحن معشر «بني حمار» على جهل تام بجميع قضايا السفر ومواضيعه... وبالتالي نحن لا نحب الهجرة، وذلك بعكس توجهكم أنتم معشر «بني النطّاح»، أصحاب الريادة في الكشف والاستكشاف، والسفر والاغتراب. الخروف: ولكن برغم تاريخ أمتي الطويل في الأسفار، فإنني لا أريد المغادرة. ولكم تمنّيت أن أكون حماراً مثلك! وأمتلك هذا العناد. فهل بالإمكان يا صديق العمر أن أصبح جحشاً ولو ثقافيا؟ أو حتى كرّاً؟ لأكتسب بعضاً من معرفتك الواسعة. الحمار «مواسياً»: يا ليت! لأن «الحمرنة» لها أصول، فمنها ما هو وراثي، ومنها ما هو مكتسب، ومنها ما لا يأتي إلاّ بواسطة التأمل الطويل والتبحُّر العميق في علميّ «الشهيق والنهيق». ولكن دعنا الآن من المستحيلات إنني أرى «إليتك» كبيرة، وحجمك «معجعجاً» فهل هذا دليل على قُرب سفرك؟الخروف: «واجماً، شارداً»: ربما، ولكنني كاره للسفر وأودّ البقاء هنا معكم على هذه الأرض مؤمناً بالعيش والتعايش المشترك. الحمار «دامعاً»: لكنك يا صديقي «خروف» وقدرُكَ أن ترعى وتأكل وتسمن وتسافر! أيها الخروف الحبيب إن الأسى يغمرني والحزن يجتاحني، لأنّك لست «حماراً» لتنجو بنفسك من هذا السفر!