الفرق بين العبد، والحر: حرية التفكير، متى ما عطَّل إنسان عقله، وسلَّمه بالكامل إلى مَنْ يفكر، ويقرر نيابة عنه، أصبح عبداً، وتحوَّل إلى رجل آلي «روبوت»، يتم تحريكه عن بُعد، وينطق بكلمات لا يبذل جهداً لفهمها، فهو مجرد أداة ناطقة لما يضعه فيه المبرمج من ردود وتعبيرات. المخرج الوحيد للانحلال من هذه العبودية، هو استخدام العقل، لذلك خاطب القرآن الكفار لتحفيزهم على التفكير، وتحرير عقولهم من أغلال الانصياع الأعمى لأفكار غيرهم: «وقالوا ربنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا». ففي آيات كثيرة يحث الله جل وعلا على التأمُّل والتفكُّر، ويشنِّع على مَنْ يعطل استخدام عقله: «فانظروا»، «أفلا ينظرون»، «لعلكم تعقلون»، «أفلا يعقلون»، «أفلا تتفكَّرون».. إلى ما هنالك من آيات التفكر والتدبر. من علامات عبد الأيديولوجيا: تنزيهه مَنْ يختاره تاجاً لرأسه، أو بالأصح، رأساً له بدل رأسه الفارغ، فهو لا يتقبل فكرة أن الرمز الذي اختاره، واتبعه قد يخطئ مثل سائر البشر، لذلك يقف درعاً بشرياً أمام أي انتقاد لأفكار وأخطاء رمزه، ومن علاماته: الانغلاق الفكري، فالخوف من التفكير، الذي قد يقوده إلى إعادة النظر فيما اعتاد فعله وسماعه، يجعله أسير أيديولوجيته، ومَنْ يمثلها، ويحرمه من سماع آراءٍ أقوى حجة، وأكثر مصداقية، ومن علاماته: سلاطة اللسان، فالانغلاق يؤدي إلى الجهل، الذي يجعل صاحبه يهرب من مناقشة الأفكار إلى السب، والشتم، والمكائد لإرهاب المخالف.