لا تأكل قشر التفاح لأن عليه مادة حافظة كيميائية، أكلها يسبب مرض السرطان.. كل التفاح بقشرته، ففيها مادة تكافح السرطان! هكذا تحذير وما يناقضه في آن واحد، وتسمع من هذه المحاذير يومياً أطنانا، منها ما يستقبله إيميلك، وفي المنزل، وجوالك.. محاذير المجالس حيث لا تخرج إلا بكومة منها والشاطر يحذر أكثر. نحن نعيش في جو مليء بالمحاذير، لا تدري ماذا تصدق، وماذا تكذب، رغم أنه لا يطبق هذه المحاذير إلا فئة قليلة يسمون “الموسوسين” إلا أننا نتهافت على سماعها، ونتهافت أكثر على نشرها. الحذر بكمية معقولة ضروري لحماية أرواح البشر، ولكن إذا زاد عن حده يتحول إلى خوف يصل بالبشر لدرجة الشلل. سافرت شرقاً وغرباً ولم أجد أحداً يحتفي بالمحاذير مثل احتفائنا بها، الناس يعيشون على طبيعتهم، ما عدا مسلّمات ثابتة تستدعي الحذر. (الحذر لا يمنع القدر) مقولة صادقة تؤكد ضرورة ترك الأمور على سجيتها أحياناً دون المبالغة في التشكك في كل شيء، ودون الإفراط في التساهل في نفس الوقت، هي معادلة صعبة في جو مشوب بالمحاذير، والتشكك في كل الأمور، صغيرها وكبيرها. ما يثير حنقي أكثر هو التلذذ بنشر أخبار المحاذير، دون أن يصاحبه متعة مماثلة في نشر المسرات، وهذا هو سؤالي الأكبر: لماذا ننحو دائماً نحو الأخبار المفزعة والمخيفة، ولا نتبادل الأخبار السارة بنفس اللهفة؟!