ظهرت انقساماتٌ حادةٌ بين النواب الفرنسيين أمس خلال مناقشتهم مشروع إصلاحٍ دستوري تسبب في استقالة وزيرة العدل وأثار انتقادات دولية، فيما تمسكت الحكومة بموقفها. وشكت المعارضة اليمينية في البرلمان من "الارتباك التام" بشأن نص المشروع، بينما ندَّد الشيوعيون ب "التلاعب بالدستور"، في وقتٍ اتهم نواب البيئةِ اليسارَ الحاكم ب "جعل قيمه في طي النسيان". ويرتبط مقترح إصلاح الدستور، الذي تسبب في استقالة وزيرة العدل مؤخراً، باعتداءات باريس الإرهابية في ال 13 من نوفمبر الماضي. وبعد الاعتداءات ب 3 أيام؛ كشف الرئيس، فرنسوا هولاند، عن نيته إدراج حالة الطوارئ في الدستور وإسقاط الجنسية عن مزدوجيها الذين يتورطون في أعمال إرهابية. ولقِيَ تعزيز التدابير الأمنية آنذاك إشادةً من النواب على اختلاف توجهاتهم ودعماً واسعاً على المستوى الشعبي. وبعد 3 أشهر؛ انتهت أجواء الوحدة الوطنية. ولم يتردد النواب، الذين باشروا دراسة نص التعديلات، في التنديد بها ما يجعل إقرارها نهائيّاً عبر التصويت غير مؤكدٍ. ومن على منصةٍ في البرلمان؛ دعا رئيس الوزراء، مانويل فالس، النواب إلى إظهار "وحدة صلبة في مواجهة الإرهاب"، في وقتٍ دعا زعيم الكتلة الاشتراكية، برونو لو رو، نوابه إلى "تحمل مسؤولياتهم". ووصل مشروع الإصلاح بعنوان "حماية الوطن" إلى البرلمان وسط بلبلة وغموض حول فرص إقراره. وينطوي هذا النقاش على مخاطر كبيرة لرئيسٍ تتراجع شعبيته في الاستطلاعات. وصدر قانون فرنسي بشأن حالة الطوارئ عام 1955 إبان الحزب في الجزائر. والمطلوب حالياً وضع هذه الحالة في إطار دستوري. لكنَّ معارضي التعديل يعدُّونه غير مجدٍ "لا بل خطراً على الحريات العامة". وتلقى هؤلاء دعم مجلس أوروبا الذي رأى أن "هذا النظام شهد تجاوزات من قِبَل الشرطة ويساهم في تعزيز ازدراء المسلمين". ورد فالس بالقول إن "إدراج التعديل في الدستور يماثل نقش طابعه الاستثنائي في الحجر"، معتبراً حالة الطوارئ التي تجيز فرض الإقامة الجبرية وتنفيذ مداهمات ومنع التجمعات بلا أمر قضائي إجراءً فاعلاً و"لا مفر منه لضمان أمن المواطنين". وفي الواقع؛ يدور الجدل الأكثر حدة حول مسألة إسقاط الجنسية. لكن النص هنا أيضاً رمزي جداً، فالقوانين الفرنسية تتيح أصلاً إسقاط الجنسية عمن يحملها منذ أقل من 15 عاماً في حال إدانته بالإرهاب. ويهدف مشروع التعديل فحسب إلى توسيع تطبيق هذا الإجراء ليشمل مزدوجي الجنسية المولودين في فرنسا، أي أنه لن يشمل عدداً كبيراً. "لكنه يطرح مشكلة جوهرية بشأن مبدأ أساسي هو حق مسقط الرأس" على ما أكدت كريستيان توبيرا في ديسمبر الماضي عندما كانت تتولى وزارة العدل قبل استقالتها احتجاجاً.