كرَّر الأعضاء الرئيسيون في التحالف الدولي ضد «داعش» عزمهم دحر التنظيم الإرهابي، وأعربوا عن قلقهم من تنامي نفوذه في ليبيا، لكنهم استبعدوا تنفيذ أي تدخل عسكري فيها. وأجمع وزراء خارجية 23 دولة في التحالف، بعد اجتماعهم أمس في روما، على وجوب دعم تشكيل حكومة وفاق وطني ليبية. واتفقوا على تسريع الحملة ضد «داعش»، مكرِّرين التزام دولهم ب «دحر هذا التنظيم الوحشي بشكلٍ كامل». ويضم التحالف الذي تأسس قبل عام 66 دولة آخرها أفغانستان، فيما تضم مجموعة مصغرة فيه 23 دولة. وأبدى المجتمعون في العاصمة الإيطالية، بحسب بيانهم الختامي، ارتياحهم ل «فقد التنظيم الإرهابي نحو 40% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق و»تحقيق نتائج ملموسة ضده في سوريا بفضل الضربات الجوية بشكل خاص». وقال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، في افتتاح الاجتماع «بالتأكيد لسنا هنا للتباهي بما تحقَّق». ودعا كيري التحالف إلى «المضيِّ قُدُماً في استراتيجيته التي نعلم أنها ستنجح» وإلى «القيام بذلك بعزم لمنع داعش من تنظيم صفوفه أو الفرار أو الاختباء». ونبَّه إلى وجوب تعزيز الجهود، لافتاً إلى نشر بلاده عدداً محدوداً من القوات الخاصة داخل سوريا. وأشار نظيره الإيطالي، باولو جنتيلوني، إلى «العلم بأن أمامنا تنظيمٌ يتمتع بصلابة شديدة وقادر على وضع خطة استراتيجية، وعلينا بالتالي ألا نهوِّن من خطورته». وتحدث عن الخطر الذي يشكله التنظيم في ليبيا التي لا تبعد سوى 350 كيلومتراً عن شواطىء بلاده، مُنبِّهاً إلى «حتمية الاعتماد على حكومة الوفاق الوطني لمواجهة الوضع في هذا البلد». واتفق المجتمعون على «مواصلة التحالف متابعة تطورات الوضع في ليبيا عن كثب والاستعداد لدعم حكومة الوفاق الوطني». وأبلغ وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، الصحفيين في روما بقوله «من غير الوارد إطلاقاً أن نتدخل عسكرياً في ليبيا» و»لا أعرف مصدر هذه المعلومات». لكنه أقرَّ بممارسة مجموعة صغيرة في باريس ضغوطاً في هذا الاتجاه «لكنه ليس موقف الحكومة». وكانت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية الثلاثاء لفتت إلى «إعداد باريس خططاً للتدخل ضد داعش في الأراضي الليبية». وأعرب فابيوس عن قلقه إزاء تزايد نفوذ «داعش» في الأراضي الليبية. وحث على «الدفع في اتجاه تشكيل حكومة وفاق وطني». وأكد «أي احتمال آخر غير مطروح». ووفقاً له؛ فإن المجموعة الدولية مستعدة لتقديم الدعم لحكومة الوفاق الوطني إذا نالت ثقة البرلمان «خصوصاً لضمان أن يكون مقرها في طرابلس». وحول الملف السوري؛ تحدث الوزير الفرنسي عن «أهمية زيادة عدد الضربات ضد داعش وقصف أهداف استراتيجية أكثر». لكنه دعا إلى وقف القصف الجوي لمعارضي بشار الأسد غير المصنفة إرهابيين. ولاحظ وجود «رابط بين ما يحصل على الأرض والعملية السياسية». ورأى أنه «في موازاة المفاوضات الجارية في جنيف برعاية الأممالمتحدة يجب أن يتوقف القصف»، مُشدِّداً «لا يمكن القصف في سوريا وإجراء مباحثات في جنيف». بدوره؛ أفاد وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، بعدم اعتزام بلاده نشر قوات قتالية في ليبيا، متداركاً «لكنها ستسعى إلى تقديم الدعم الاستراتيجي والمخابراتي لحكومتها الجديدة». وهاجم مقاتلو فرعٍ ل «داعش» البنية التحتية للنفط الليبي، واحتلوا مدينة سرت مستغلين فراغ السلطة المستمر. وخلال وجوده في روما؛ أجاب الوزير البريطاني عن أسئلة صحفية بقوله «نود بالتأكيد دعم الحكومة الليبية الجديدة بأي طريقة عملية في وسعنا، لكن لا أتصور أنه سيكون هناك وضع نحتاج فيه أو نرغب في إرسال قوات قتالية على الأرض». وأوضح «لا أظنُّ أننا من المرجح أن نعتقد أن نشر قوات قتالية على الأرض يعد مساهمة مفيدة، فثمة كثير من المسلحين هناك، وما يحتاجون إليه هو التنظيم الاستراتيجي والقيادة والسيطرة ومعلومات مخابرات يتم جمعها جواً». وكان وزيرا الخارجية الأمريكي والإيطالي أشارا، خلال اجتماع مجموعة ال 23، إلى تعرض «داعش» منذ آخر اجتماع للمجموعة قبل 6 أشهر إلى نكسات في المناطق التي يسيطر عليها في سورياوالعراق. لكنهما حذرا من لجوء التنظيم إلى التكيُّف مع الضغوط في معاقله وإعادته توجيه جهوده إلى ليبيا حيث سيطر على مناطق جديدة ويخطِّط لشن هجمات على غرار ما شهدته باريس وأنقرة وسان بيرناردينو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. وحثَّ الوزير الإيطالي على «مزيدٍ من الحذر والتيقظ لأننا نعرف أنه بقدر ما يتعرض التنظيم للضغط في معاقله؛ فإنه سيسعى إلى مواصلة نشاطاته الإرهابية في أماكن أخرى»، مكملاً «نحن نشهد تجدد نشاطه في ليبيا وإفريقيا جنوب الصحراء». وفي تصريحاتٍ لصحيفة «إيل ميساجيرو» اليومية الإيطالية؛ أكد جينتيلوني «الوقت ينفد لتحقيق استقرار ليبيا». لكنه استبعد تنفيذ بلاده تدخلاً عسكرياً متسرعاً.