كشفت وزارة الداخلية عن تفاصيل جديدة في الحادث الإرهابي الذي استهدف المصلين بمسجد الطوارئ الخاصة بمنطقة عسير في شهر شوال من عام 1436 ه، إذ ثبت من التحقيقات تورط جندي في قوة الطوارئ الخاصة بالمنطقة بعد تأثره بأفكار عمه المطلوب ومساعدة منفذي العملية الإرهابية على ارتكاب الجريمة. وأعلنت الوزارة من خلال التحقيقات أسماء 9 مطلوبين من المتورطين في الحادث لم يتم القبض عليهم، وجميعهم سعوديون، طبقاً للمتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية أمس. وأكد المتحدث الرسمي -طبقاً للتحقيقات- ارتباط الانتحاري منفذ العملية يوسف سليمان عبدالله السليمان – سعودي الجنسية – بالمجموعة الإرهابية التي أُعلن عنها يوم الأربعاء الموافق 3 / 12 / 1436 ه، حيث داهمت الجهات الأمنية وكرين تابعين لها، الأول يقع بحي المونسية بمدينة الرياض، والثاني بمحافظة ضرما. وبين المتحدث الأمني أن المجموعة الإرهابية المعلن عنها وفرت للانتحاري منفذ العملية «يوسف السليمان» المأوى عند قدومه من منطقة الجوف إلى منطقة الرياض في شقة بحي الفلاح، إذ تم مداهمتها بتاريخ الإثنين الموافق 15 / 12 / 1436ه، قبل أن تنقله المجموعة ذاتها إلى موقعها الآخر بضرما، ليتدرب فيه على ارتداء واستخدام الحزام الناسف، وتسجيل وصيته بالصوت والصورة لبثها بعد العملية. وأوضح المتحدث الأمني، أنه بعد أن أتم الانتحاري المنفذ تدريباته وسجل وصيته تم نقله من منطقة الرياض إلى منطقة عسير بواسطة فهد فلاح الحربي – سعودي الجنسية – والمُعلن عن قبضه بتاريخ الإثنين الموافق 15 / 12 / 1436ه ، لينضم هناك إلى خلية إرهابية يقودها شخص يدعى سعيد عائض آل دعير الشهراني – سعودي الجنسية -، بالإضافة إلى قيام فهد فلاح الحربي في وقت لاحق بنقل الحزام الناسف الذي تدرب عليه واستخدمه منفذ العملية على سيارته من الرياض إلى عسير مصطحباً معه زوجته المواطنة عبير محمد عبدالله الحربي، مستغلاً وضعها كامرأة بإخفاء الحزام الناسف عند موضع قدميها بالسيارة للتغطية على جريمته. وبحسب التفاصيل التي أعلنها المتحدث الأمني فإنه يوم تنفيذ العمل الإرهابي ارتدى الانتحاري يوسف سليمان عبدالله السليمان الحزام الناسف وتوجه إلى مقر قوة الطوارئ بمنطقة عسير بمساعدة أحد عناصر الخلية الجندي بقوة الطوارئ الخاصة بعسير صلاح علي عايض آل دعير الشهراني، الذي تأثر بأفكار عمه المطلوب سعيد عايض سعيد آل دعير الشهراني، فسولت له نفسه خيانة الأمانة والغدر بزملائه بكل خسة ودناءة منقاداً في ذلك لإملاءات عمه الإجرامية، وتمكنه بادئ الأمر من التغطية على جريمته البشعة قبل أن يفضح الله أمره ويقبض عليه وعلى اثنين من المتورطين في هذا العمل الإرهابي الدنيء وهما فؤاد محمد يحيى آل دهوي وصالح فهد دخيل الدرعان – سعودياً الجنسية -، فيما لا يزال البقية متوارين عن الأنظار. ونتج عن الحادث الإرهابي استشهاد 11 من رجال الأمن، و 4 من العاملين بالموقع من الجنسية البنجلاديشية، وإصابة 33 شخصاً آخرين. حذرت وزارة الداخلية من أن التعامل مع هؤلاء المطلوبين سيجعل من صاحبه عرضة للمحاسبة، ويعد هذا الإعلان فرصة سانحة لأولئك الذين استغلوا من قبل هؤلاء المطلوبين خلال الفترة الماضية في تقديم خدمات لهم بالتقدم للجهات الأمنية لإيضاح مواقفهم تفادياً لأية مساءلة نظامية قد يترتب عليها مسؤوليات جنائية وأمنية وتوجيه الاتهام بالمشاركة في الأعمال الإرهابية. ودعت الوزارة كل من تتوفر لديه معلومات عن أي منهم بالمسارعة في الإبلاغ عنهم على الرقم ( 990 ) أو أقرب جهة أمنية، علماً بأنه تسري في حق من يبلغ عن أي منهم المكافآت المقررة بالأمر السامي الكريم رقم 8 / 46142 وتاريخ 26 / 9 / 1424ه ، والذي يقضي بمنح مكافآت مالية مقدارها مليون ريال لكل من يدلي بمعلومات تؤدي للقبض على أحد المطلوبين وتزداد هذه المكافآت إلى خمسة ملايين في حال القبض على أكثر من مطلوب وإلى سبعة ملايين في حال إحباط عملية إرهابية. لم يستبعد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي تخطيط الإرهابيين لتنفيذ جرائم أخرى داخل المملكة لكنه أكد على قدرة رجال الأمن على إحباط أي مخططات. وأشار إلى أن المطلوبين التسعة الذين تم الإعلان عنهم، ما زالوا متوارين عن الأنظار ولم تتمكن الجهات الأمنية من تحديد وجودهم داخل المملكة أو خارجها حتى الآن، مبينًا أنه تم الكشف عن أسمائهم وصورهم لعامة المواطنين والمقيمين، ومعربًا عن ثقته بأن هذا الإعلان سيؤدي إلى القبض عليهم. وأوضح اللواء التركي في مؤتمر صحفي أمس، أن هؤلاء المطلوبين، تشكّلوا من خلايا عنقودية بعد سلسلة من الجرائم الإرهابية التي شهدتها المنطقة الشرقية ومدينة الرياض، والتي استهدفت عددًا من رجال الأمن، واستهدفت عددًا من المساجد، مشيرًا إلى أنه تم الإعلان مسبقًا عن ما آلت إليه التحقيقات التي كشفت الأشخاص المتورطين، وتم القبض على أعداد كبيرة منهم تجاوزت ال ( 400 ) شخص، وأعلن عنها في شهر شوال من العام الماضي. وبيّن أن هؤلاء المطلوبين ينفّذون الأوامر التي تأتيهم من تنظيم داعش الإرهابي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال بعض العناصر المرتبطين بالتنظيم والموجودين حاليًا في سوريا، ويعملون على تجنيد الأشخاص وحثّهم على تنفيذ جرائم إرهابية أخرى، مؤكدًا أن الجهات الأمنية في المملكة ستواصل ملاحقتها لكل من يتورط في الانصياع لهذه الأوامر، ولكل من يقوم بأي نشاط ذي صلة بالإرهاب، والقبض عليهم قبل تمكّنهم من تنفيذ أي مخطط إرهابي. وكشف اللواء التركي عن تحفظ الجهات الأمنية على عدد من المقبوض عليهم من لديهم علم بأدوار أخرى لأشخاص آخرين ينفذون أعمالا إرهابية. وبين اللواء التركي أن إحدى استراتيجيات العمل الأمني في المملكة هي متابعة والقبض على المتورطين في أي عمل إرهابي؛ لأنهم إن تركوا أو تمكنوا من الإفلات من قبضة رجال الأمن فسيعملون على التخطيط لجرائم إرهابية مماثله، وهو ما نسعى إلى منعه. وقال: إن بعض التنظيمات الإرهابية تسعى لاستغلال المرأة في بعض الأعمال كجمع الأموال أو من خلال التجمعات النسائية أو في نقل مواد متفجرة وأشياء محظورة وهو أمر تحت المتابعة من قبل الجهات المختصة. كما أكد اللواء التركي، كفاءة رجال الأمن الذين تلقّوا تدريبًا وتأهيلًا للتعامل مع الحالات المشتبه بها، وإخضاعها للتفتيش الدقيق. وأوضح المتحدث الأمني لوزارة الداخلية في تصريحات ل «الشرق»: أن شعار «المواطن هو رجل الأمن الأول»، لا يعني أن يأخذ المواطن دور رجال الأمن في القبض على المطلوبين، لأن ذلك يشكل خطراً جسيماً على حياته، كما أن هؤلاء الإرهابيين ليس بقلوبهم رحمة، فهم يقتلون كل من يقف بطريقهم سواء صغارا أو كبار السن. وأضاف اللواء التركي : «دور المواطن لا يتجاوز حدود مسؤولياته بالقبض على الأشخاص ويتورطون مباشرة بالاشتباك مع الإرهابيين والمجرمين والمتهمين، مما يعرضهم للخطر، وإنما دورهم يعتمد على مبادرتهم بالإبلاغ عن أي معلومات أو حالة اشتباه، أو شخص متأثر بالفكر الضال، والجهات الأمنية ستقبض عليه، وتتحمل تبعات ذلك». وذكر اللواء التركي، أن المملكة لم تلجأ في أي وقت إلى الإعلان عن حالة الطوارئ في مواجهة العمليات الإرهابية، مبيناً أنه ليس من المنطق إخضاع جميع السيارات على الطرق السريعة للتفتيش. أكد اللواء التركي أن الجندي – أحد عناصر الخلية الإرهابية – سيعامل معاملة الإرهابيين وسيحال إلى القضاء الذي سيقرر العقوبة عليه، لافتًا الانتباه إلى أن رجال الأمن في مختلف القطاعات العسكرية، يخضعون باستمرار لعديد من التدريبات العملية الميدانية والنظرية، كما يتلقون دروسًا ومحاضرات من محاضرين من هيئة كبار العلماء ومن غيرهم .