دعا رئيس الوزراء اليمني، خالد بحاح، إلى رفع وتيرة الأداء الأمني، ووجَّه بالحدِّ من مركزية الأجهزة الأمنية عبر إسناد جزءٍ من مهامها إلى السلطات المحلية، في وقتٍ واصل المتمردون قصفهم المدفعي على أحياء سكنية في مدينة تعز. ولاحظ رئيس الوزراء، خلال اجتماعه أمس الأحد في عدن بنائبه وزير الداخلية، ارتفاع معنويات مواطنيه وتضاعف غيرتهم على البلاد «ما يستدعي المزيد من العمل والجهد المنظَّم لاستعادة الأمن والأخذ بقوةٍ على يد من يقف خلف الأعمال الإرهابية». وشَهِدَت عدن، العاصمة المؤقتة، موجة تفجيراتٍ انتحاريةٍ واغتيالاتٍ بإطلاق الرصاص خلال الأسابيع الأخيرة. وتُحمِّل الحكومة المسؤولية عن التفلُّت الأمني إلى عناصر تخريبية وجماعات متطرفة موالية لتنظيمي «داعش» و»القاعدة» الإرهابيَّين. بدوره؛ طرح وزير الداخلية، اللواء حسين عرب، على رئيس الوزراء مقترحاتٍ لإيجاد خططٍ أمنيةٍ بديلةٍ تتماشى مع تطلعات السكان وتوفِّر الاستقرار في المحافظات المُحرَّرة. فيما طالبه بحاح بالحدِّ من مركزية الأجهزة الأمنية عبر إسناد مهامها إلى السلطات المحلية «بما يضمن إتمام الواجبات على أفضل وجه ممكن». في الوقت نفسه؛ بحث وزير الخارجية في الحكومة الشرعية، عبدالملك المخلافي، ونظيره الأردني، ناصر جودة، أمس في عمَّان تطورات الأوضاع الأمنية والإنسانية في اليمن. واستعرض الوزيران مسار المفاوضات بين الشرعية والمتمردين بوساطةٍ من الأممالمتحدة. وأبدى المخلافي ارتياحه لتقديم الحكومة الأردنية دعماً لمواطنيه عبر مشاركتها في التحالف العربي بقيادة السعودية وبذلها جهوداً دبلوماسية تصبُّ في خانة الشرعية. وأشار في الوقت نفسه إلى تقديم عمَّان تسهيلاتٍ لليمنيين سواءً الطلاب الدارسين في جامعاتها أو المرضى الذين يتلقُّون العلاج في مستشفياتها. واعتبر جودة من جانبه استقرار اليمن «مكسباً لنا جميعاً». وجدَّد التأكيد على موقف بلاده الداعم للشرعية «بما يكفل عودة الأمن والاستقرار وصون السيادة والوحدة». وشدد جودة على أهمية استئناف العملية السياسية اليمنية من خلال التشاور على الأسس المتفق عليها و»امتداداً لقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية والمبادرة الخليجية»، متطلعاً أن تفضي «جميع هذه المحاولات إلى مسار سياسي ناجح يحقق ما نصبو إليه جميعاً من انتهاءٍ لهذه الحقبة المؤلمة التي نشهدها منذ تمَّ الانقلاب على الشرعية» العام الماضي. واتفق الوزيران على تشكيل لجنة مشتركة «لدراسة الحلول والمعالجات المقترحة لتسهيل إجراءات دخول المواطنين اليمنيين إلى المملكة الأردنية الهاشمية»، بحسب مصادر. في غضون ذلك؛ اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية ميليشيات الحوثي بمصادرة مواد أساسية كانت في طريقها إلى تعز التي يحاصرها المتمردون منذ أشهر غربي اليمن. واعتبرت المنظمة مصادرة المواد الأساسية انتهاكاً جسيماً للقانون الإنساني الدولي. ونسب نائب المدير التنفيذي للمنظمة لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى جماعة الحوثي منع مواد ضرورية عن سكان تعز «لمجرد أنهم يعيشون في مناطق تخضع لسيطرة القوات المُعارِضة»، كما اتهمها ب «مصادرة الممتلكات من المدنيين في شكل غير قانوني». وأحصى تقريرٌ ل «هيومن رايتس ووتش»، صدر أمس، 16 واقعة بين 13 ديسمبر و9 يناير الماضيين منع فيها حراسٌ حوثيون يتمركزون عند حواجزَ أمنية إدخالَ عبوات مختلفة إلى المدينة «فيها فواكه وخضراوات وغاز للطهي وتحصينات للأطفال وعبوات لغسيل الكلى وأسطوانات أوكسجين». «كما صادر الحراس بعض هذه المواد»، بحسب التقرير الذي دعا الميليشيات إلى «إنهاء فوري لأعمال المصادرة غير القانونية للسلع المُوجَّهة إلى المدنيين» و»السماح بحرية حركة منظمات الإغاثة». وتعز ثالث أكبر مدينة يمنية، ويسكنها مئات آلاف من المدنيين. في سياقٍ آخر؛ نددت نقابة الصحفيين اليمنيين باختطاف ميليشيات الحوثي وقوات علي عبدالله صالح الانقلابية الصحفي، نبيل عبدالواسع الشرعبي، و5 من أصدقائه من صنعاء. وأبلغت النقابة، في بيان لها، عن «تلقي بلاغ من أسرة الصحفي الشرعبي تفيد بتعرضه للاختطاف من قِبَل الميليشيات الانقلابية مساء السبت مع مجموعة من الشباب من شارع الدائري». ودعت إلى إطلاق سريع لسراح المُختَطَفين الستَّة، مُجدِّدةٍ دعوتها إلى إطلاق سراح 13 صحفيّاً آخرين بينهم 11 محتجزون لدى الميليشيات، فيما يحتجز تنظيم «القاعدة» الإرهابي في محافظة حضرموت «شرق» صحفيَّين. ميدانيّاً؛ واصلت ميليشيات «الحوثي – صالح» أمس قصفها المدفعي المكثف على أحياء سكنية في تعز. وتحدثت مصادر في المدينة عن ارتكاب الميليشيات «مجزرة جديدة» بحق المدنيين بعد قصف مدفعي مكثف على حي ثعبات «إذ سقط صاروخ في الحي أسفر عن مقتل وإصابة 8 أشخاص على الأقل». وتمزقت على الإثر جثث عددٍ من الضحايا، بحسب المصادر. وتزامن القصف مع قتالٍ عنيفٍ «تكبَّد الحوثيون خلاله خسائر في العتاد والأرواح» على جبهتي ثعبات والجحملية شرقي المدينة ليل السبت- الأحد، بحسب موقع «المصدر أونلاين» اليمني. ولفت الموقع إلى مقتل طفل وإصابة 3 من أفراد أسرته في منطقة المسراخ القريبة بعد انفجار لغمٍ أرضي زرعه متمردون. على جبهة أخرى؛ تواصلت الاشتباكات بين قوات الجيش والمقاومة من جهة وميليشيات «الحوثي- صالح» من جهة ثانية في عددٍ من المواقع في مديرية نهم شرقي صنعاء. ووفقاً ل «المصدر أونلاين»؛ دارت هذه الاشتباكات طيلة ليل السبت- الأحد «في محيط جبل يام وجبل قروَد المطلِّ على نقيل الفرضة». وبالتزامن؛ استمر قتالٌ مماثلٌ في منطقة جبل وصت في الشمال الشرقي لمديرية نهم. وفي إب جنوبي صنعاء؛ ساد توتر لافت بين الحليفين المتمردَين على خلفية اقتحام مسلحين حوثيين معسكراً تابعاً لقوات الأمن الخاصة الموالية لصالح. وأفادت مصادر محلية باقتحام المسلحين مؤخرة معسكر قوات الأمن الخاصة في مفرق جبلة وتفتيشهم جميع الملحقات دون إيضاح الأسباب، ما أحدث توتراً. وسبق تعرُّض سياسيين وعسكريين موالين لصالح في إب ومحافظات أخرى إلى استفزازات من حلفائهم تطوَّرت في بعض الأحيان إلى اعتقالات وتفجير منازل واشتباكات مسلحة. وفي مدينة عدن جنوباً؛ قُتِلَ محامٍ ظهر أمس بعد إطلاق مجهولين الرصاص عليه في أحد شوارع منطقة المنصورة. وذكر شهود عيان أن رصاصةً استقرت في رأس المحامي، عبدالرحمن العمودي، أثناء مروره بسيارته وبرفقة زوجته في شارع ال 90 في المنطقة ليفارق الحياة على الفور. ورجَّح الشهود تورط قناص مجهول تمركَز على الأرجح داخل مبنى سكني قرب دوار السفينة. جاء ذلك بعد ساعات من عثور السلطات الأمنية في المدينة على جثة قيادي في المقاومة الشعبية في منطقة الصولبان وعليها آثار طعن بالسلاح الأبيض. وقاد عبدالعزيز الراوي مجموعات من المقاومة خلال مواجهاتٍ مع المتمردين قبل طردهم من العاصمة المؤقتة للبلاد الصيف الماضي. وأكد مصدر عثور أمنيين ومدنيين على جثة الراوي فجراً «إذ كانت الدماء تغطي وجهه فيما بدت آثار طعنات واضحة». وكان القتيل إماماً وخطيباً لمسجد ابن القيم وعضواً في المجلس المحلي لمنطقة البريقة، «كما عمِلَ موظفاً في المعهد السمكي وعُرِفَ بإسهاماته الاجتماعية»، كما قال مقربون منه. وتبنَّى فرعٌ تابع ل «داعش» عدداً من التفجيرات الانتحارية في عدن آخرها تفجيران يومي الخميس والجمعة استهدف أحدهما نقطة تفتيشٍ في محيط قصر المعاشيق الرئاسي وأسفر عن مقتل 6 أشخاص بينهم 5 من الحراسات.