رغم تشكُّك الأممالمتحدة؛ تمسَّكت واشنطن ببدء مفاوضات السلام بين السوريين في موعدها المحدَّد سلفاً وفق الخطة الأممية، فيما شكَّل نظام بشار الأسد وفده المفاوض غداة خطوةٍ مماثلةٍ من جانب المعارضة التي ترفض إقحام وفدٍ ثالث. وأكد وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أن المفاوضات برعاية الأممالمتحدة ستبدأ الإثنين المقبل في مدينة جنيف. وتوقَّع، خلال مشاركته أمس الخميس في المنتدى الاقتصادي العالمي بقرية دافوس السويسرية، استغراق توجيه الدعوات للمفاوضين عن الطرفين يوماً أو يومين. لكنه شدَّد «لن يكون هناك تأخير، العملية ستبدأ في ال25 من يناير الجاري، سيجتمعون وسنرى أين وصلنا حتى الآن». يأتي ذلك بعد يومٍ واحدٍ من تأكيداتٍ مماثلةٍ عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي أبدى ثقته في بدء العملية التفاوضية قبل انتهاء الشهر الجاري. وكان الموفد الأممي، ستيفان دي ميستورا، اعتبر هذا الأسبوع أنه «ما زال يتعيَّن القيام بكثير من الأمور» من أجل الإعلان رسمياً عن عقد اجتماع جنيف. وفي إفادة مقتضبة؛ رجحت المتحدثة باسم دي دميستورا، جيسي شاهين، إرجاء تاريخ ال25 من يناير بضعة أيام «لأسباب عملية». وكانت الهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة من اجتماع المعارضة السورية في الرياض الشهر الفائت، أعلنت وفدها المفاوض أمس الأول. وضمَّ الوفد المسؤول السياسي في فصيل «جيش الإسلام»، محمد علوش، كبيراً للمفاوضين. وتعتبر دمشق وموسكو «جيش الإسلام»، المتركِّز في ريف العاصمة السورية والمناهض لتنظيم «داعش»، منظمةً إرهابية. بينما سيرأس الوفدَ العميد أسعد الزعبي، وينوب عنه السياسي المسيحي، جورج صبرا، مع عضوية القياديَّين في فصائل مقاتلة، عبدالباسط طويل ومحمد العبود. ومحمد علوش ابن عم زهران علوش الذي أسَّس «جيش الإسلام» بعد إطلاق سراحه في صيف عام 2011 وقُتِلَ في ال25 من ديسمبر الفائت في غارةٍ جويةٍ. إلى ذلك؛ شكَّل النظام وفده المفاوِض. ووفق مصدر رسمي مقرَّب من النظام؛ سيترأس نائب وزير الخارجية والمغتربين، فيصل المقداد، وممثل الحكومة لدى الأممالمتحدة، بشار الجعفري، الوفد الحكومي الذي يضم أيضاً 3 دبلوماسيين و8 من كبار المحامين. ونقلت صحيفة «الوطن» السورية الموالية للأسد عن مصادر «ديبلوماسية» في جنيف أن المبعوث دي ميستورا رتَّب لاستقبال 3 وفود أحدهم عن الحكومة والآخران عن المعارضة. لكن المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، نبَّه أمس الأول إلى «وجوب اقتصار المفاوضات على من رأت الهيئة أنه يمثِّل وفدها فقط». وتحدَّث عن سماع الهيئة عن «تدخلات خارجية وتحديداً تدخلات روسية ومحاولات لزج أطراف أخرى في الوفد المعارض»، مشدداً «موقفنا واضح ولن نذهب للتفاوض إذا تمَّت إضافة وفد ثالث أو أشخاص». ويتوقع مصدر سوري معارض إرسال الدعوات منتصف الأسبوع المقبل في حال التوصل إلى اتفاق «على أن تُعقَد المفاوضات نهاية الشهر». وفي كل الأحوال؛ لن يلتقي وفدا النظام والمعارضة مباشرةً، بل سيلعب الأكاديمي الألماني، فولكر بيرتس، دور الوسيط بينهما. وتبنَّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع في ال19 من ديسمبر، وللمرة الأولى منذ بدء الأزمة، قراراً يحدِّد خارطة طريق تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة الشهر الجاري. وينص القرار على وقفٍ لإطلاق النار، وتشكيل حكومة انتقالية في غضون 6 أشهر مع تنظيم انتخابات خلال 18 شهراً. ولا يزال مصير الأسد محل جدل دولي، فيما يتمسك المعارضون بإبعاده بمجرد بدء المرحلة الانتقالية. ويعتبر المجتمع الدولي الأسد ومسؤوليه الأمنيين والعسكريين مسؤولين عن قتل أكثر من 250 ألف شخص ونزوح ولجوء الملايين سواءً في الداخل السوري أو في الدول المجاورة وحتى أوروبا. ووفق أرقام صادرة عن الأممالمتحدة؛ يتجاوز عدد السوريين المحتاجين إلى مساعدات أكثر من 10 ملايين شخص.