اختطف تنظيم «داعش» الإرهابي ما لا يقلُّ عن 400 مدنيّ إثر هجوم عنيف شنَّه أمس الأول وحقَّق خلاله تقدُّماً ميدانياً على حساب قوات النظام في مدينة دير الزور شرقي سوريا، فيما سقط العشرات قتلى. وأبلغ المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس الأحد، عن اختطاف «داعش» 400 مدني على الأقل بينهم نساء وأطفال من عائلات مسلحين موالين لبشار الأسد. والمُختطَفون من سكان ضاحية البغيلية التي سيطر عليها التنظيم السبت ومن مناطق محاذية لها شمالي غرب دير الزور. وعمِدَ الخاطفون، كما أورد المرصد، إلى نقل المخطوفين «وجميعهم من الطائفة السنية» إلى مناطق أخرى واقعة تحت سيطرته «كمنطقة معدان في ريف محافظة الرقة». وقُتِلَ في هجومه العنيف 135 شخصاً على الأقل بينهم 85 مدنياً و50 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وفق المرصد الذي نسب إلى المهاجمين إعدام الجزء الأكبر من القتلى. وشنَّ «داعش» السبت هجوماً واسعاً على محاور عدة في مدينة دير الزور، ونفَّذ عدداً من الهجمات الانتحارية ما سمح لعناصره التسلل إلى ضاحية البغيلية والسيطرة عليها. وأوقعت التفجيرات الانتحارية والاشتباكات التي اندلعت بعدها حوالي 42 قتيلاً في صفوف المهاجمين، وفقاً لإحصاء المرصد. ويوم أمس؛ دارت اشتباكاتٌ متقطعةٌ بين الطرفين في شمال غرب المدينة، تزامناً مع استمرار النظام في إرسال تعزيزاتٍ عسكرية من عديدٍ وعتادٍ إلى البغيلية. وتحدث مدير المرصد رامي عبدالرحمن، عن مخاوف من إقدام الخاطفين على «إعدام المدنيين واتخاذ النساء سبايا كما حدث في مرات عدة سابقة». وليست هذه المرة الأولى التي يُقدِم فيها التنظيم الإرهابي على خطف مدنيين، إذ سبق له خطف 220 أشورياً من محافظة الحسكة (شرق) في فبراير 2014، قبل أن يطلق سراح عشرات منهم على دفعات. وفي أغسطس من العام نفسه؛ أعدم مسلحوه مئاتٍ بعد أسرِهم من أفراد عشيرة الشعيطات السنيَّة التي كانت تقاتل ضدهم في شرق محافظة دير الزور. كما أقدموا على قتل 223 مدنياً خلال 48 ساعة في مدينة كوباني (عين العرب) في ريف حلب الشمالي في يونيو 2015. وإثر سيطرتهم على مطار الطبقة العسكري في محافظة الرقة في أغسطس 2014؛ قتلوا أكثر من 200 جندي من قوات الأسد. ووفقاً لرامي عبدالرحمن؛ يسعى التنظيم من خلال هجومه السبت إلى «تحقيق تقدم للتعويض عن تراجعه في جبهات أخرى في سوريا». ويقول عبدالرحمن إن التنظيم بات يحتل حالياً 60 % من مدينة دير الزور. ولا يزال المطار العسكري للمحافظة التي تحمل الاسم نفسه، إضافة إلى أجزاء من مركزها تحت سيطرة حكومة دمشق. ويحتل «داعش» منذ عام 2013 الجزء الأكبر من المحافظة وحقولها الرئيسة للنفط الأكثر إنتاجاً في البلاد. لكنه مُنِيَ بخسائر في ريف حلب الشمالي خلال الأيام الماضية بتقدُّم جنود النظام باتجاه مدينة الباب، ما أسفر عن اشتباكات أوقعت أمس الأول 16 قتيلاً في صفوف مسلحي التنظيم الذي خسر أيضاً سد تشرين الواقع على نهر الفرات شمالاً لصالح تحالف «قوات سوريا الديمقراطية». وحقق هذا التحالف، وهو عبارة عن تجمع لفصائل كردية وعربية، تقدماً كبيراً في ريف الحسكة الجنوبي (شمال غرب) في أولى معاركه ضد التنظيم ونجح في طرده من مناطق واسعة. ولا يقتصر الأمر على معارك ميدانية، بل تزدحم الأجواء السورية بالطائرات الحربية التي تستهدف المتطرفين إن كانت روسية أو تابعة للتحالف الدولي ضد الإرهاب. ومنذ بدء الحملة الجوية الروسية في سبتمبر الماضي؛ قُتِلَ 808 عناصر على الأقل من «داعش» جراء غارات موسكو. فيما قُتِلَ 3715 متطرفاً آخرين جرَّاء غارات طائرات التحالف الدولي منذ انطلاق حملته في صيف 2014 وحتى 23 ديسمبر الفائت. وكان الباحث العراقي المتابع لتحركات المجموعات المتطرفة، هشام الهاشمي، لاحظ أن التنظيم بدأ مؤخراً يفقد زمام المبادرة، مُرجِعاً ذلك لأسباب عدة أبرزها الغارات الجوية وقطع العديد من طرق إمداده. ويلاحظ محللون أنه عادةً ما يلجأ التنظيم إلى شنِّ هجمات عنيفة تلفت الانظار للتعويض عن تراجعه في مناطق عدة.