لا نريد أن ننساهم أو نتجاهلهم، إنهم منا ونحن منهم.. أي ألم يعصف بنا ونحن نرى محاولاتهم الخائفة عند الاختلاط بالآخرين أو حتى عندما يحاولون التكلم بلغة تهكمية حزينة قد لا يفهمها سوى آبائهم الذين أضناهم وآلمهم سوء أوضاع فلذات أكبادهم، فلا مدارس تقبل بحالاتهم المزاجية المتقلبة ولا مراكز مهيأة في أغلب المدن والمحافظات لتحسين أوضاعهم، بل قد يضطر بعضهم للاغتراب من منطقته ليقبع مع ابنه أو ابنته لفترات طويلة في المراكز الموجودة في المناطق الكبرى لتحسين أحوالهم وتعليمهم أسس ومبادئ الحياة من النطق السليم إلى كيفية الاعتماد على النفس واحتياجات أخرى ضرورية.. هذا هو حال المصابين بالتوحد في مجتمعنا.. أحوالهم يرثى لها فلا مجيب لنداء أهاليهم بتهيئة مراكز خاصة لهم في مكان إقامتهم ولا حتى استقبالهم في المدارس ليختلطوا مع أقرانهم.. لا نريد أن نحسس هذه الفئة المغلوبة على أمرها بعدم اكتراثنا لحالتهم الصحية وحتى النفسية، بل نريد الدعم المكثف وتأسيس مدارس ومؤسسات خاصة للتوحد الذي لا أعتبره مرضاً من وجهة نظري، فأنا أراهم أشخاصاً أسوياء صحيحي البدن وأحياناً يكونون أكثر ذكاءً من الأصحاء، فقط خوفهم من التجانس مع الآخرين أسوأ عيوبهم وبعض ملامح الفزع والهلع التي تعتريهم أحياناً كثيرة… ما نرجوه هو فتح قلوبنا وأحضاننا لهؤلاء المصابين بالتوحد وذلك في فتح المدارس والمراكز الخاصة بهم في كل منطقة ومحافظة حتى يصبح حالها مثل حال أي مركز يضم المعاقين أو المكفوفين، ولكي يتسنى لكل الأسر الفقيرة ومتوسطي الحال أن يبعثوا أبناءهم من قرب حتى يناموا قريري العين مرتاحي البال.