أدلى حوالي 6.300 ناخب وناخبة أصواتهم في الانتخابات البلدية في محافظة القطيف، أي حوالي 13.4 % من أصل حوالي 47.000 مجموع المسجلين في القيد الانتخابي على مدى الدورات الثلاث. إذا افترضنا أن عدد سكان القطيف – حسب تقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات – حوالي 520 ألف مواطن (514 ألف متوسط سنة 2015، و 525 ألف متوسط سنة 2016)، وإذا افترضنا أن نصف هؤلاء هم فوق سن الثمانية عشرة الذين يحق لهم التصويت، أي حوالي 260.000، فإن نسبة المشاركة الحقيقية في الانتخابات البلدية لم تتعد 2.4 %. هذه النسبة الضئيلة جداً من المشاركة الشعبية في الانتخابات البلدية ليست حكراً على التجربة السعودية، حتى وإن اتخذتُ من محافظة القطيف مثالاً بسبب قربي منها، ومعايشتي إياها. في التاسع عشر من شهر مارس، هذا العام، وفي خطاب له في مدينة "كليفلاند"، تطرّق الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى النسب المتدنية في المشاركة الشعبية الأمريكية في الانتخابات، وخاصة الانتخابات المحلية منها، التي تقارب نسبة المشاركة هنا من مجموع الناخبين المسجلين؛ ودعا إلى التفكير في طريقة، أو تعديلات – على مستوى الولايات، أو حتى المستوى المحلي – تجعل من المشاركة الشعبية في الانتخابات واجبة، قانوناً، على كل المواطنين الذين يحق لهم التصويت. الرئيس الأمريكي استشهد بالتجربة الأسترالية التي تحتم على كل المواطنين المشاركة في الانتخابات الفدرالية في كل الولايات، والمحلية في بعضها. في ولاية "تسمانيا" الأسترالية، على سبيل المثال، يجبر القانون المواطنين على المشاركة في كل أنواع الانتخابات – من الفدرالية إلى البلدية – بالحضور إلى المراكز الانتخابية، والإدلاء بأصواتهم، أو الامتناع عن التصويت بوضع ورقتهم البيضاء في الصندوق. ففي عام 2010، بلغ عدد الناخبين المسجلين في الانتخابات المحلية 335.353 مواطناً، تغيّب منهم حوالي 20 ألفاً فقط؛ أي بنسبة مشاركة بلغت حوالي 94 %. الهيئة المتخصصة في النظر في المخالفات الانتخابية قبلت أعذار 14 ألف ناخب، منهم بسبب تعدي البعض سن التصويت الإجباري، أي 70 عاماً، أو لأعذار أخرى قانونية. الستة آلاف الآخرين أوقعت عليهم هيئة المخالفات غرامة رمزية مقدارها 26 دولاراً أسترالياً؛ دفع ألفان منهم الغرامة مباشرة. هناك 22 دولة حول العالم – بما فيها أستراليا، بالإضافة إلى مقاطعة في سويسرا، وولاية في الهند – لديها قوانين تلزم مواطنيها على المشاركة في الانتخابات؛ عشر منها لا تزال تطبق نظاماً يعاقب المتخلفين عن المشاركة، من بينها سنغافورة ولكسمبورغ، تصل نسب المشاركة فيها بين 85 % – 95 %. فهل أطالب بسن نظام يلزم المواطنين – هنا – على المشاركة في التصويت في الانتخابات البلدية؟ لا أظن أن هذا ما أدعو إليه. لكني، في الوقت نفسه، أطالب بنظام لا يسمح لأي منا أن يحرّض، علناً، على مقاطعة الانتخابات البلدية تحت بند "حرية الرأي". وزارة الشؤون البلدية والقروية اتخذت شعار "المشاركة في صنع القرار" عنواناً لانتخابات المجالس البلدية في هذه الدورة الثالثة، لكن يبدو أن هذا الشعار لم يقنع الأغلبية في تسجيل أسمائهم في قيد الناخبين، ولم يقنع أغلبية المسجلين في المشاركة؛ أو أنه لم يصل إلى تلك الأغلبية. لا يمكن أن نعتبر مشاركة نسبة 2.4 % من مجموع من يحق لهم التسجيل في قيد الناخبين مشاركة مقبولة "في صنع القرار" في الخدمات البلدية التي تقترحها، أو تقررها المجالس البلدية. إذن، علينا دراسة الأسباب التي تجعل من 97% ممن يحق لهم "المشاركة في صنع القرار" لا يرغبون في المشاركة، برغم أن الخدمات البلدية تمس حياة كل واحد منهم، بشكل مباشر أو غير مباشر. أيضاً، علينا التفكير في حلول واقعية مقبولة تشجع على المشاركة الفاعلة في الدورة المقبلة، وما بعدها. أظن، جازماً، لو أن نسبة المشاركة المتوقعة – عند فتح باب الترشيح – كانت أعلى مما هي في الواقع، لكانت "نوعية"، وأعداد، المرشحين اختلفت بصورة جذرية. فلا يمكن أن يسعى المرشحون لكسب ما معدلة 300 صوت من مجتمع يبلغ عدد الذين تحق لهم المشاركة أكثر من ربع مليون مواطن، ويعتقدون في الوقت نفسه أنهم يمثلون ذلك المجتمع في اتخاذ القرار في أروقة المجلس البلدي.