تعد العلاقة بين الزوجين من أسمى العلاقات الإنسانية، حيث إنها تحتوي على أسمى الصفات الوجدانية (السكن والمودة والرحمة).قال تعالى في كتابه الكريم «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» سورة الروم الآية رقم (20). والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف نسمو بهذه العلاقة الزوجية ونرتقي بها إلى المعنى المقصود في هذه الآية الكريمة؟ في الحقيقة إن أهم ما يميز العلاقة الزوجية بين الزوجين، وما يجعلها ترتقي إلى علاقة مثالية يسودها السكن والمودة والرحمة، أربعة عوامل أساسية هي: أن تحوي هذه العلاقة «شيئا» من الحب والعطف والحنان، وأن يتحمّل كل من الزوجين الآخر، إضافة إلى الصبر و(طول البال)، وكذلك الحرص على مشاركة ومراعاة الطرف الآخر أحاسيسه ومشاعره. وحينما نقول: شيئا من الحب والعطف والحنان، نقصد بذلك الاعتدال في ذلك، بمعنى ألا تكون هناك مبالغة أومغالاة في منح الزوج أو الزوجة هذه المشاعر، وذلك من أجل أن لا يصل الزوج أو الزوجة إلى مرحلة ما تسمى «التمرد العاطفي» أي تمرده وتعاليه على مشاعر وأحاسيس الطرف الآخر تجاهه، وهو ما يقال عنه ( شايف نفسه) وهو ما يصيب الطرف الآخر بالفتور والملل العاطفي. وفي المقابل يجب ألا يقوم بحرمان هذه المشاعر كلياً، حيث إن ذلك يسهم وبصورة مباشرة في تزايد التنافر فيما بينهما، مما يؤدي إلى فشل العلاقة الزوجية ومن ثم الانفصال. كما يجب على كل زوج أو زوجة أن يتقبل الطرف الآخر بسلبياته وإيجابياته، بل ويتقبل الحياة معه بحلوها ومرِّها، فالمشاكل كما توصف بأنها ملح الحياة الزوجية، فهذه الاختلافات وليست الخلافات – في وجهات النظر، تعطي فرصة للعتب أحياناً، ومعرفة مكانة كل طرف لدى الآخر، كما أن ذلك يسهم وبشكل مباشر في اندماج شخصيتي الزوجين وتوأمة عواطفهما وتجدد أحاسيسهما. إن من أهم واجبات الزوج و الزوجة، الصبر على الطرف الآخر، فكلنا بشر وكلنا خطاؤون ولكن خير الخطائين التوابون كما جاء في الحديث الشريف. كما أن الله سبحانه وتعالى بعظمته وجلالة قدره يغفر الذنوب جميعاً لعباده، فكيف بنا نحن البشر ؟! بل فكيف بالزوجين اللذين هما سكن لبعضهما! حيث إن شريكك هو نصفك الآخر، وشريك حياتك إلى الأبد، فأقل ما يكافأ به منك، التقرب منه أكثر و تدعيم إيجابياته وتشجيعها، والعمل على معالجة سلبياته وسلوكياته الخاطئة تدريجياً، وهكذا شيئاً فشيئاً إلى أن يصبح شخصية نموذجية كما تريد أن يكون. إن من أهم ما يقوي علاقة الزوج بزوجته، والعكس، مراعاة الطرف الآخر لأحاسيسه ومشاعره، بل ومشاركته في ميوله واتجاهاته ونشاطاته أيضاً، في جو تسوده المودة، مع الحذر من التقليل من شأن هذه المشاعر، حيث إن ذلك يعد نوعاً من عدم الاحترام، وربما يعد رفضاً له شخصياً.