في السنة الثالثة من الجامعة كانت مادة مبادئ السياسة إحدى المواد الاختيارية التي أضفتها لقائمة المواد، الفضول المعرفي لهذا العلم كان هو المحرك الأساسي والاستكشاف عن هذا العلم ومؤسسيه وعن المدارس التي احتذت بها الدول لتصل إلى ما هي عليه ولعلي أشخِّص الحالة السياسية في أوطاننا وقد أجد دواءً في بعض حالاتها. «الغاية تبرر الوسيلة» العبارة التي عرفت فيها ميكافيلي وهي العبارة التي استباح كل أهل السياسة دم الشعوب في ذلك وعرفت أنهم كلهم يجمعون أن الأخلاق لعامة الشعب ولا يلزم بها الحكام ومن هم بالسلطة التنفيذية لذلك كان ميكافيلي يقول السياسة لا علاقة لها بالأخلاق. في يوم 22 أغسطس من عام 2011م تغيرت هذه المبادئ ووجدت مدرسة أخرى في السياسة مدرسة البارزاني الخالد ملا مصطفى البارزاني، بعد أن سمعت أو تعرفت عليهم في عدة جلسات محفورة في الذاكرة، كانت بوابة لمعرفة هذا الشعب التي أخذتني للتعرف على المدرسة البارزانية مدرسة ملا مصطفى البارزاني «رحمه الله» من سفرائه حول العالم المنتشرين في كل دول العالم بسبب الظروف التي أدت إلى تقسيم كوردستان ومن بعدها توالت الهجرة حول العالم وبعضهم وصل إلى السعودية التي انحدر منها. كانت معلومات بسيطة التي أخذتها من الأصدقاء الكورد كفيلة لأسعى في مناكب التاريخ لاستقصاء الحقيقة لشعب اغتصبت دولته من دول الاستعمار بالتعاون مع الأنظمة آن ذاك، ولكن لم تولد تلك الأفعال نظريات انتقامية أو فلسفات سياسية لا إنسانية مع شعوب اقتسمت حكوماتها أرض كوردستان. ملا مصطفى البارزاني الخالد كان ضمن الشخصيات التي يذكرها التاريخ ولكن مدرسته السياسية الأخلاقية بقيت في حدود من يعرفونه ومن عاشروه وناضلوا معه في كل المراحل ويذكره الكورد بكل مناقبه والصعوبات التي فرضتها عليه الظروف السابقة من تحالفاته أو معاركه وقيادة الجيش بأول جمهورية كوردية «جمهورية مهاباد» حتى انهيارها بعد تخلي الاتحاد السوفييتي عنهم لمصالحهم حالها كحال الدول التي تبحث عن مصلحتها بغض النظر مع من تتحالف أو هل المبادئ مقبولة إنسانياً. المدرسة البارزانية التي أسسها ملا مصطفى البارزاني رحمه الله وهو الأب الروحي للقضية الكوردية لم تكن مدرسة وليدة زهاء ورغد في العيش وقصور وسيارات فخمة ولم يأت فوق دبابة أو على دماء الشعب ميكافيلي كان الوحيد الذي يبرر القسوة والوحشية للحكام في كيفية السيطرة على السلطة لم يكن البارزاني الخالد ذا فكر ميكافيلي ولكن كانت العدالة واستعادة الأرض والحق كل همه ولهذا الشرف في السياسة ثمن فكان هناك الاعتقال والأسر والإبعاد والتهجير ومحاولات فاشلة للاغتيال بانتظاره وانتظار عشيرة بارزان من قبل الأنظمة الحاكمة لأراضي كوردستان المقسمة، واختار المجهول مصيراً لنفسه بعد انسحاب السوفييت من إيران وتضييق الخناق عليهم من إيران والدول الحليفة لها آنذاك، كان هناك عرض من إيران بإلقاء السلاح والعيش بها بالمقابل سيكون الثمن وأد كوردستان الدولة، البارزاني الخالد لم يكن مستبدًا ولم يكن دكتاتوريًا في القرار والدليل جعل خيار البقاء وإلقاء السلاح لكل من كان معه فمن كان معه في رحلة النزوح إلى موسكو يعلم أنه لا يرى نفسه أغلى من أي شخص موجود معه. كل هذه المراحل الصعبة كان المقابل أن يسعى لتحرير واستعادة كوردستان. البارزاني الابن لا يختلف عن البارزاني الأب في التضحية والسعي من أجل كوردستان الشعب والدولة والمعارك حاضرة وخطواته محفورة في كل منطقة حررتها البشمركة من داعش. غاية البارزاني الأب والابن ومن هو مؤمن بهذه المدرسة هي كوردستان الدولة وليس حكم كوردستان وإلا لكانت اسمها الآن مملكة بارزان وليست كوردستان. البارزاني الخالد كان من حوله كل الديانات وكل التوجهات السياسية لم يقص أحداً ولم يحاب أحداً على حساب الآخرين أو على حساب الوجود القومي الكوردي، ميكافيلي كان يقول إن الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس، البارزاني الخالد الذي تلقى تعليمه في الفقه والشريعة لم يجد في ذلك إلا ميزة يجمع فيها الكورد بمختلف مشاربهم ويوحدهم من أجل كوردستان.