يقف الارهابي الشاب وهو يعتلي ظهرعربته حاملا سلاحة بيد وباليد الاخرى جهازا متنقلا يستخدمه لالتقاط «السيلفي» التي سيحتفظ بها للذكرى،يضحك مثل طفل بريء وهو يقود شاحنة تجر جثثا في اتجاه حفرة لرميها فيها.يبتسم ويضحك للكاميرا في صور«السيلفي»الكثيرة التي توجد في هاتفه ويحب الصورويلتقطها كما يفعل معظم الشباب في العالم.وفي هاتفه صورممنوعة و مقاطع يحتفظ بها لفنانه أو فنانته المفضلة.في هاتفه صورة للسيارة التي يتمنى أن يقودها قد تكون من نوع بورش او مرسيدس،و صورة اخرى لملامح الفتاة التي يتخيل ان تكون زوجته على الأرض، أو «حوريته» في الجنة، يضع الحزام الناسف على خصره، وهو يبتسم كما تتطلب الصورة، يضحك فوق مدفع كأنه يركب دراجة هوائية، يتسلَّى بالقتل، ويحمل الأسلحة، ويقتل، والابتسامة لا تفارقه، إنه ابن هذا العصر، هو مثل أي نجم من نجوم مواقع التواصل الاجتماعي، والغناء، والتمثيل، والرياضة، الذين لا يملُّون من التقاط الصور. هو مثل باقي شباب عصره، يُمجِّد نفسه، ويُخلِّدها بالصور، وله هاتف ذكي، ويضحك مثل الناس، ويُظهر أسنانه، ويستعين بمَنْ يصوره، يريد هو الآخر أن يكون نجماً، وهو يلتقط صورة «سيلفي» مبتسماً، وخلفه أكوام من الجثث والخراب «خلفية المشهد الذي صنعه المجاهدون الإرهابيون»، يُخلِّد اللحظات، ويفتخر بنجوميته، فهو نجم القتلة، نجم الإرهابيين، وكأنه يقول للناس: «شاهدوا صوري، شاهدوني وأنا أقتل الناس، وأقودهم إلى مقبرة جماعية، شاهدوني وأنا أقتل الأطفال والشيوخ بدم بارد، شاهدوني وأنا ألعب بالرشاش كما يلعب بقية الأطفال بمسدسٍ لرش الماء». يوثِّق الإرهابي تجربته، ويجمع ألبوم صوره، ويفتخر بما يقوم به، ولا يدع اللحظات تفوت عليه، فيسجلها مبتسماً من كل زوايا المشهد، وبعدها يشارك صوره في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، ليراها في المستقبل، وكذلك كل العالم، والأولاد الذين سيُنجبهم، إن عاش، ليفتخروا ببطولات والدهم، الذي لم يسلم منه حتى الحجر. الضحك ليس حكراً على الأبرياء، الذين قتلهم ذاك الإرهابي، هو أيضاً يضحك، ويمرح كبقية الناس الأسوياء، فللموت ابتسامة «الشهيد المزعوم»، ولا ترتبط «أي الابتسامة» بالحياة والفرح والطمأنينة، الموت أيضاً يضحك، وكذلك القتل والإرهاب، يموت الإرهابي، وتبقى لنا ضحكاته، وصوره، فنشكُّ في الضحك، ونشكُّ في الابتسامة، ونشكُّ في الإنسان، الذي قد يكون شيئاً آخر إلا أن يكون إنساناً، ولا نفهم أي شيءٍ، ونتأمل فيما وجدناه من صور مخزَّنة في هاتفه، ونكتفي بذلك.