لم يدرِ العم حسين علي الخليفة «موظف متقاعد من شركة أرامكو السعودية» أن هوايته في جمع التراث التي بدأها في العام 1415ه عندما اشترى «دلة قهوة» بقصد عمل القهوة فيها، ستتحول سريعاً إلى شغف قاده لامتلاك متحف خاص مساحته 250 متراً مربعاً، يجمع أكثر من 5 آلاف قطعة، أقدمها مصحف مخطوط عام 920 هجرية، يستقبل زوار الأحساء بصفة دائمة ليحصل بذلك على جائزتي التميز السياحي من فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في الأحساء عامي 2012م و2013م. يقول الخليفة «في العام 1415ه الموافق 1995م تقريباً، بدأت في تجميع محتويات المتحف ب (دلة قهوة) حتى وصلت إلى أكثر من 5 آلاف قطعة تقريباً تشمل 16 حرفة يدوية بكامل أدواتها، مثل المنزل القديم الذي يضم البئر، والجصة، والمطبخ، والمهباش، وكرسي المصاخن، والرحى، والمجرشة، والسباج، وألعاب الأطفال القديمة، وغرفة العروس بالسرير القديم، وصندوق السيسم، وسلة الملابس وجميع أدوات الزينة والحلي القديمة. إضافة إلى المجلس القديم (الديوانية) الذي يضم الوجار، والخزانة، والميز، والروازن، ومجموعة من دلال القهوة القديمة الأحسائية، والبغدادية والرسلان، كما يوجد دلال صنعت بعد افتتاح مشروع الري والصرف في الأحساء وسميت بهذا الاسم لما تحمله من صورة للمشروع». وأضاف «لديَّ أيضاً مجموعة بأحجام مختلفة من دلال القهوة القديمة الأحسائية، الخمرة واللقمة والمزل التي كانت تصنع في الأحساء وهي الأغلى سعراً الآن عند المهتمين بالتراث؛ حيث إن الخمرة الأكبر حجماً وهى مخصصة لغليان الماء، والثانية اللقمة الوسط وتستخدم لعمل القهوة، والثالثة المزل وهي التي تزل فيها القهوة حين تقدم للضيوف، إضافة إلى مجموعة مختلفة من محاميس القهوة وأنواع مختلفة من النجور». و زاد «هناك ركن الفلاح وأدواته القديمة مثل مكره السواني، الغرب، الصخين العامية الكبيرة، الكر، وجميع أدوات الفلاحة. وهناك ركن البادية، ويضم الهودج، الشداد، حوض الماء، المشعاب، أدوات القهوة وغيرها. وركن البحار، ويضم بشتختة الطواش وهو الصندوق الخاص بالطواش لأدوات اللؤلؤ، ويضم كذلك الثقل، المراسي، الحبال، الفطام، الدين وغيرها. وهناك قسم يحتوي على مجموعة تذكارية للخطوط السعودية، وقسم لزينة النساء في الماضي من أدوات وحلي، ومجموعة من لعب الأطفال القديمة، وأدوات العيادة والحجامة، بالإضافة إلى عملات قديمة معدنية وورقية، كذلك لوحة تضم عملات ورقية للمملكة العربية السعودية منذ عهد المغفور له الملك عبدالعزيز إلى عهد المغفور له الملك خالد، وهناك أشكال مختلفة من المسجلات، وأجهزة المذياع، والشنط، أو ما يسمى بالبشتختة التي تعمل ب (الهندل) أو ب (الباتري/ البطارية)، ومجموعة من أجهزة الهاتف القديمة تعمل ب (الهندل) وبعضها بالقرص مع البدالة التي كانت تستعمل في السنين الأولى لأجهزة الهاتف لتحويل المكالمات، وأنواع من كوايات الملابس (الأوتي) تعمل بالتسخين أو الفحم، وأنواع مختلفة الحجم من المطاحن والرحى، ومجموعة من الأواني الخشبية والفخارية، ومجموعة أواني الصب بألوان وأشكال مختلفة منها ما يسمى أبو شعلة، وخد المنديل والجبلية». وقال الخليفة إنه تمكن من جمع ثروته التراثية من الأسواق الشعبية في الأحساء ومن خلال شراء بعض ما يتوفر ويعرض للبيع، وعادة ما تكون قليلة ونادرة في الأسواق الشعبية مع كثرة المنافسين لاقتنائها إما لحفظها أو لإعادة بيعها بسعر أعلى، بعدها كانت الانطلاقة الأكبر لجمع التراث وبشكل متواصل من مواقع بيع التراث وحضور المزادات والتعرف على أصحاب الهواية وكل ما يعرض للبيع. وأضاف «سوق التراث في مدينة الهفوف عند قصر إبراهيم يعدُّ السوق الرئيس في الأحساء وفيه يتم المزاد الأسبوعي كل يوم خميس بعد صلاة العصر، ويحضره هواة التراث من الأحساء ومعظم مناطق المملكة تقريباً للشراء أو لعرض ما يراد بيعه. أيضاً يتم التعامل مع زملاء من الأحساء، والدمام، والقطيف، والرياض، في الشراء والبيع، ولا يفوتني حضور فعاليات مهرجان الجنادرية السنوي للمشاهدة وشراء بعض ما يعرض للبيع». وختم الخليفة قائلاً «جمع التراث هواية وفي نفس الوقت يعدُّ حفظاً لتراث الوطن ووفاء للآباء والأجداد. أيضاً هو تعليم للأجيال الجديدة عن تراث الآباء والأجداد لما فيه من دروس وعبر عن الماضي وما قام به الآباء والأجداد من أعمال تعبِّر عن الصبر والاعتماد على النفس في جميع مستلزمات الحياة الصعبة في ذلك الوقت. وفيه درس لنا ولأبنائنا كي نحذو حذوهم ونبني بلدنا بسواعدنا ونعتمد بعد الله على أنفسنا في كل شيء، وأن نعلم أبناءنا ثقافة الاعتماد على النفس وأنه لا عيب في العمل أيّاً كانت طبيعته؛ فأجدادنا عملوا في الزراعة والخياطة والنجارة والحدادة، والرعي، وغيرها من المهن الشريفة، ومن فوائد جمع التراث أيضاً وعمل المتحف أيضاً هو التواصل بين أبناء المنطقة والوطن والتعرف أكثر على تراث الوطن والعادات القديمة، وهو يعد ثقافة تراثية مرئية». ولم يخفِ العم الخليفة طموحه في إنشاء متحف خارج المنزل على مساحة أكبر كي يستطيع عرض باقي مقتنياته واستقبال عدد أكبر من المواطنين وزوار الأحساء.