فيما ساد الارتياح أوساط المجتمع بعد عثور الشرطة على جوري الخالدي؛ ندَّدت أصواتٌ حقوقية بنشر صورة الطفلة بعد استعادتها، معتبرةً ذلك انتهاكاً لحقوق الإنسان، وداعيةً وسائل الإعلام والمغرِّدين إلى عدم التنافس على حساب الخصوصية. ووصف المتحدث باسم هيئة حقوق الإنسان، الدكتور إبراهيم الشدي، نشر صورة الخالدي (3 سنوات) بعد إعادتها إلى أسرتها ب «انتهاك صارخ لحقوق الطفل» وب «استغلال لبراءته إرضاءً للكبار»، مستنكراً عدم الاكتراث بالأثر النفسي لذلك على الطفلة مستقبلاً. ورأى أن «هذه ليست مناسبة للفرح، إنما ستبقى ذكرى سيئة في حياة المتعرِّضة للاختطاف، لذا فإنها تحتاج إلى إعادة تأهيلٍ نفسي بدلاً من التركيز على المأساة وترسيخها في ذاكرتها». وعثرت شرطة منطقة الرياض على الطفلة، التي اختُطِفَت ل 11 يوماً، في إحدى الشقق في حي إشبيلية أمس الأول. وشارك الطيران الأمني وأفراد الأمن السري في عملية البحث. وبعد تقدُّم أحد المواطنين ببلاغٍ إلى المباحث العامة؛ حدَّدت الشرطة مكان المُختطَفة التي وُجِدَت في صحة جيدة وفي رفقتها عاملة منزلية إثيوبية قُبَِضَ عليها. وألقت الأجهزة الأمنية القبض على متهمَين آخرَين أحدهما سعودي كان موجوداً في الشقَّة التي تعرضت للمداهمة والآخر سوري كان يحاول الفرار بسيَّارة، كما ضبطت سلاحاً ومخدرات. وبحسب ما أعلنته الشرطة؛ فإن المتهم الرئيس، وهو المضبوط السعودي، يُصنَّف ب «الخطير»، وهو مطلوب في قضايا أخرى مهمة. ورصدت كاميرات المراقبة المثبَّتة داخل مستوصف في شرق العاصمة مداعبة المتهم الرئيس للطفلة قبل أن تختفي عن الأنظار الجمعة قبل الماضية. وكانت أسرتها تعهدت في وقتٍ سابقٍ بتخصيص مكافأة قيمتها مليون ريال لمن يدلي بمعلوماتٍ تقود إلى التعرُّف على مصير ابنتهم. وأبدى الإعلام ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي اهتماماً بالغاً بالقضية. ولاحقاً؛ نشَر مغرِّدون صوراً للخالدي بعد استعادتها، إذ ظهرت وهي تبكي وقد قُصَّ شعرها. وأحدث التداول الكثيف لهذه الصور على موقع «تويتر» حالة استياءٍ حقوقي عبَّر عنها الدكتور إبراهيم الشدي بقوله «أخبار الأطفال تحتاج إلى مهنيةٍ تراعي خصوصية الضحية ومستقبله». في السياق نفسه؛ دعت المستشارة النفسية، نوال الهوساوي، إلى التفرقة بين نشر صور ضحية الاختطاف أثناء مرحلة البحث وتداولها بعد العثور عليه. واعتبرت أن مرحلة ما قبل العثور على المُختطَف تستلزم نشر الصور على أوسع نطاق حتى تصبح ملامح الوجه عالقةً في أذهان الجميع ليتيقَّظوا ويُبلِغوا الشرطة في حال رؤيته «كما هو معمول به في النظام العالمي المتَّبع في هذه الحالات». لكنها شدَّدت على وجوب صدور الصور المُعمَّمة بواسطة جهة موثوقة كوزارة الداخلية أو إدارات الشرطة أو أسرة المُختطَف، ملاحظةً أن نشر صورٍ غير موثوقٍ في صحتها قد يسهم في نشر الشائعات ويعرقل البحث. أما مرحلة ما بعد العثور على المختطَف؛ فتستلزم، وفقاً للهوساوي، عدم نشر أي صورٍ سواءً في الصحافة أو على مواقع التواصل الاجتماعي «لأن المُستعاد يكون واقعاً تحت تأثير الصدمة، وهو ما يظهر على ملامح جوري بعد إعادتها إلى أسرتها، إذ بكت وكان الخوف يسيطر عليها»، واصفةً الأمر ب «مؤلم» بالنسبة للأسرة، وداعيةً وسائل الإعلام إلى عدم التسابق في نشر صورٍ مُسرَّبة دون مراعاةٍ للخصوصية. وذكَّرت نوال الهوساوي بتجريم القانون الدولي نشر صور الأطفال ضحايا الجرائم مراعاةً لمشاعرهم، معتبرةً أنه كان يمكن الاكتفاء ببثِّ خبر عودة جوري إلى أسرتها دون إرفاق صور ثمَّ بثِّ صورة لها لاحقاً بمعرفة والديها لطمأنة المجتمع دون انتهاكٍ للخصوصية.