فيما أبقت مؤشرات اقتصادية المشهد في أسواق النفط العالمية على ما هو عليه خلال الأشهر المقبلة، باستمرار تراجع الأسعار بسبب زيادة العرض على الطلب، وتنامي إنتاج النفط الصخري، استبعد محللون ماليون أن تتأثر قيمة الريال السعودي بسبب التراجع المتوقع لدخل المملكة من بيع النفط، وأكدوا أن هناك أسباباً جوهرية، تعزز من قيمة الريال، وتجعله متماسكاً، رغم أي أزمات اقتصادية، محذرين من كبار المضاربين الذين ربما يسعون للنيل من استقرار الريال. وفقدت أسعار النفط منذ يوليو من العام قبل الماضي نحو 60%، ما دعا صندوق النقد الدولي إلى تقدير خسائر دول الخليج المنتجة للنفط الأحفري من وراء هذا التراجع بنحو 300 مليار ريال في العام الحالي (2015) وحده. وتوقع المحلل الاقتصادي الدكتور فهد بن جمعة أن «تشهد أسعار النفط مزيداً من التراجع في قادم الأيام والأسابيع». وقال: «لن تعود الأسعار إلى ما كانت عليه قبل نحو عام ونصف العام، إلا باتفاق بين الدول المصدرة للنفط، سواء في منظمة «أوبك» أو خارجها»، مضيفاً «تراجع الأسعار الذي تعانيه الأسواق حالياً، سببه منظمة «أوبك»، التي ارتضت أن يرتفع سعر برميل النفط قبيل الأزمة المالية في 2008 إلى 140 دولاراً للبرميل، ليصل إلى 110 دولارات في 2009، وهو سعر مرتفع، شجع الدول التي لديها نفط صخري على استخراجه من حقولها، لتعتمد عليه بدلاً من النفط الأحفوري». وأضاف جمعة ل«الشرق» أن اجتماع أوبك المقرر في 4 ديسمبر المقبل، ربما يشهد تراجعاً إضافياً في الأسعار، ليصل سعر البرميل إلى 38 دولاراً، ليس لسبب سوى أن دول أوبك قررت فيما بينها وقف سياسة عدم خفض الإنتاج، وفقدان حصصها لصالح الدول المنتجة من خارج أوبك»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الأسعار «ربما ترتفع قليلاً في العام المقبل (2016) لتصل إلى خمسين دولاراً للبرميل». وأكد جمعة أنه لا خوف على قيمة الريال السعودي من تراجع دخل النفط، وقال: «الريال مرتبط بالدولار، والأخير مرتفع هذه الأيام، واقتصادياً، من الصعب أن تتأثر قيمة الريال لأي سبب كان، خاصة إذا عرفنا أن المملكة ستعمل على سد أي نقص في الموازنة المقبلة، من الاحتياطي النقدي، ليس هذا فحسب، وإنما ستعمل على إيجاد مصادر جديدة للدخل، وهذا من فوائد تراجع أسعار النفط». اتفق المحلل المالي علي الجعفري مع ابن جمعة على تماسك الريال السعودي في الفترة المقبلة. وقال: «مؤشرات تراجع قيمة أي عملة، تتحقق إذا قلت صادرات البلد، وارتفعت وارداته، ولكن في المملكة، نجد أن ميزان الصادرات مرتفع، متمثلاً في بيع النفط الذي يصل إلى نحو عشرة ملايين برميل نفط يومياً، أو صادرات شركات البتروكيماويات وغيرها من الصناعات التي تشتهر بها السعودية». وحذر الجعفري من تأثير كبار المضاربين بالعملات في الأسواق العالمية، وقال: «هؤلاء المضاربون كانوا السبب في انهيار سلة العملات في دول النمور الآسيوية في عام 1997، وقد يحاولون النيل من قوة العملة السعودية، ولكن الجهات المالية في المملكة تحتاط لهذا الأمر جيداً، وتراقب الأسواق عن كثب، لتجنب أي مفاجآت غير سارة، قد تتسبب في أي أزمات اقتصادية». وتوقع الجعفري أن تحافظ الموازنة السعودية المقبلة على معدل الإنفاق المعتاد. وقال: «معدل الإنفاق يشير إلى قوة الاقتصاد في أي دولة، وأتوقع أن يبقى هذا المعدل على ما هو عليه دون مساس، ويدعم هذا الأمر ما أقدمت عليه المملكة بتفعيل سوق السندات، ومنح التسهيلات للمستثمرين الأجانب، وتنشيط قطاع السياحة، ودعم قطاع الخدمات، وكل هذا سيسفر عن تنويع مصادر دخل المملكة، ولا تجعلها مقصورة على قطاع النفط وحده».