حالياً يظهر على السطح كتاب لسيدة شيشانية اسمها «بولينا شيريبزفا» وهي تذكر بقصة آن فرانك الهولندية التي اختبأت مع عائلتها في هولندا حتى دل عليهم جاسوس متعاون مع النازيين فرسى مصيرهم في آوسشفيتس وما أدراك ما هي، نار حامية. السيدة شيريبزفا الذي يطبع كتابها حاليا مترجماً في ألمانيا روت ذكريات الطفلة عما شاهدت من تدمير جروزني على شكل يوميات ورسمات مثل آن فرانك فاستحقت أن تأخذ لقب آن الشيشانية. إنها تذكر السر الخبيث لبوطين حين دمر الشيشان وبنى امبراطوريته على الجماجم بعد أن فشل السكير يلسين في المهمة القذرة. روت السيدة مذكراتها وهي طفلة كما في قصة «آن فرانك الهولندية» وهذه لها قصة مستقلة لوحدها، تروي أسلوب بوطين في التدمير بحيث نقارن بين غروزني وباب عمرو فنعرف من هو الدماغ الخبيث والسلاح الخبيث والمنهج الخبيث الشيطاني في التدمير وأن الصبي بشار ليس أكثر من بيدق تافه في اللعبة. أما الرفيق ماوتسي تونج الذي خلدته الكاتبة الصينية يونج في كتابها «البجعات البرية» الذي كان يرسل الناس إلى الموت بالمسبغة والثورة الثقافية ويقول: أليس جميلا أن أمنح خصومي أجمل لحظات حياتهم حين يفارقونها بمواجهة أعظم لحظة هي لحظة الموت السرمدي. هل سيكون مصير الفارين على وجوههم من السوريين أفضل في غابات الغجر المجر، ومستنقعات صربيا، وأسلاك كرواتيا، وبحار المتوسط، ليصلوا إلى أراضي الإصلاح الديني في الشمال الأوربي؟ هل ستكون نهاية الرحلة فيبنون حياتهم الجديدة دون التفكير في العودة إلى الخلف، كما في قصة لوط فلا يلتفت منهم أحد إلا الشبيحة ليتحولوا إلى عمود ملح كما جاء في التوراة؟ هل سيأخذ السوريون مجرى البلاشفة البيض، فلا فوت وحيل بينهم وبين ما يشتهون. ويبقى بشار البراميلي في سدة الحكم مثل فرانكو مع اللعنات في الدنيا والآخرة، حتى يقبض ملك الموت روحه الخبيثة. أظن أن هناك ضرباً من الفروق، ولكن أفهم وخارج السياق السياسي ثلاث حقائق مطمئنة: إن الشعوب قوة لا تقهر، ولو بأعتى الأسلحة وأعظم الجيوش وأكبر الطائرات مثل أنتنوف. ويمكن مراجعة كتاب روبرت غرين عن ال 33 قاعدة في علم الاستراتيجيات أن نحب أثينا التي مارست الفلسفة والحرب والمعركة والحكمة. وليس مع قوة آرس الفظة العارية. والثانية أن الاحتلال الخارجي يشكل أجساما ضدية في البدن الاجتماعي، كما هو الحال في الأمراض، مما يستدعي الجهاز المناعي لتشكيل الأجسام الضدية، التي تقضي في النهاية على الأجسام الجرثومية الغازية المقتحمة، وهو سيكون مصير الروس هذه المرة بنهاية رحلة صعود بوطين (Career) ربما يذكر ماحصل للاتحاد السوفييتي الذي انهزم في أفغانستان حاملا الجثث والتوابيت ثم انفلاق وتصدع وتشظي أكبر قوة عالمية لتنتهي أسطورة الاتحاد السوفييتي إلى الأبد ومعها الشيوعية الصفراء؟ لانعرف على وجه التحديد كيف ستكون نهاية روسيا مع زحف الشباب الجهاديين من كل مكان يحملون الموت لهم وللروس. والأمر الثالث أن الطغيان نهايته وخيمة، (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لايرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء). أعجب ما في الملحمة السورية أسطورة الشعب السوري، فلم يبق العالم كما كان. إن خلطة «الشيعي» مع «الشيوعي» مع «العلماني» هي خلطة تفجيرية خطيرة لنفسها قبل الشعب السوري. (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).