لم تستبعد الشرطة الأوروبية «يوروبول» احتمال وقوع اعتداءاتٍ جديدةٍ في القارة، بينما أبدت قبرص استعدادها لوضع منشآتها تحت تصرُّف فرنسا لمكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي. وقال مدير «يوروبول»، روب واينرايت، أمس إن «من المحتمل شنّ هجماتٍ جديدةٍ في دول الاتحاد الأوروبي»، معتبراً التهديد الإرهابي إثر اعتداءات باريس «الأكثر جدية في السنوات العشر الأخيرة». وأبلغ واينرايت لجنة الحريات المدنية والعدل والشؤون الداخلية في البرلمان الأوروبي بقوله «يمكننا أن نعتبر دون مبالغة أن وقوع هجمات أخرى أمر محتمل». وكان مدير «يوروبول» دُعِيَ من قِبَل البرلمان للتحدث عن اعتداءات باريس الأخيرة التي خلَّفت في 13 نوفمبر الجاري 129 قتيلاً. وأكد واينرايت للنواب أن شهر يناير المقبل سيشهد افتتاح مركزٍ في منظمته لمكافحة الإرهاب و«ستُخصَّص له موارد حقيقية، ما سيعزز من قدرتنا على مراقبة الإنترنت ومتابعة تمويل الإرهاب وتتبع الأسلحة النارية والاتجار فيها والمقاتلين الأجانب وأنشطتهم». وأشار إلى «تعلق الأمر بدعم التحرك العملاني للسلطات المعنيَّة في الدول الأوروبية». وأفاد ب «تحفيز الدول على تقاسم المعطيات الخاصة بمكافحة الإرهاب عبر محور إعلام الشرطة الأوروبية»، ملاحظاً تسجيل تحسنٍ كبيرٍ في العامين الأخيرين «لكننا لم نبلغ بعد المستوى الذي نأمله». في الوقت نفسه؛ قدَّر واينرايت عدد الأوروبيين الذين توجهوا إلى سوريا ب 5 آلاف شخص. ولفت إلى 10 آلاف شخص مشتبه فيهم دخلوا الدول الأوروبية وأخرى شريكة على المستوى الدولي. وأوضح «شهِدنا تضاعفاً في المعلومات التي تم تبادلها خلال ال 12 شهراً الأخيرة، وتمَّ التأكد من ألفي اسم باعتبار حامليها مقاتلين فعليين، والباقي هم فقط مشتبه بهم أو يساعدون في تحركات المقاتلين». وبعدما لاحظ أن هذه المعطيات وفرتها 5 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي؛ رأى واينرايت أنه «يتعين توفير مزيد من تبادل المعطيات بين كافة الدول الأعضاء». إلى ذلك؛ دعا وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، الاتحاد إلى «تنظيم صفوفه» أمام الخطر الإرهابي. وبيَّن أن بلاده لم تتلق أي معلومات استباقية من دول أخرى في القارة حول التحركات الأخيرة لعبدالحميد أباعود الذي يُعتقَد أنه مدبِّر اعتداءات باريس. وأبلغ الوزير وسائل إعلامٍ أمس، بعد الإعلان عن مقتل أباعود، بقوله «لم نتلق أي معلوماتٍ من دول أوروبية قد يكون انتقل عبرها قبل الوصول إلى بلادنا، ولم يبلغنا جهاز استخبارات من دولة من خارج القارة أنه علِمَ بوجوده في اليونان إلا بعد الاعتداءات»، مذكِّراً بأن مذكِّرة توقيف أوروبية كانت صادرة بحق المتهم الذي يُشتبَه أنه لعب دوراً حاسماً في الهجمات الأخيرة. ووصف كازنوف التعاون في مكافحة الإرهاب ب «أمر أساسي»، وقال «من الملحّ أن تتدارك قارتنا الأمر وتنظِّم صفوفها وتدافع عن نفسها في وجه الخطر الإرهابي». وحثَّ على «تعزيز مراقبة الحدود الخارجية للقارة بشكل كبير» و«تعزيز التنسيق ضد تهريب الأسلحة». وذكر كازنوف أن بلاده تطالب بهذه التدابير بشدة وثبات منذ أكثر من سنة ونصف السنة، و«تمَّ إحراز تقدم، لكن الأمر لا يسير بالسرعة الكافية ولا يذهب بعيداً بالحد الكافي»، داعياً جميع نظرائه الأوروبيين إلى «التقدم بسرعة وبقوة»، معتبراً أن «على أوروبا أن تفعل ذلك وفي ذهنها جميع ضحايا الإرهاب وأهاليهم». في الشأن ذاته؛ أعلن وزير خارجية قبرص، إيوانيس كاسوليدس، استعداد بلاده لوضع منشآتها تحت تصرف الفرنسيين إن أرادوا لاستخدامها في مكافحة تنظيم «داعش». وقبرص، الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط، أقرب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى سوريا بواقع نحو 70 كيلومتراً. وتستخدم بريطانيا قواعدها السيادية في الجزيرة في مهاجمة مواقع ل «داعش» في العراق. وأفاد كاسوليدس، الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي مشترك أمس مع نظيره البريطاني فيليب هاموند، بعدم تلقي حكومته حتى الآن طلب مساعدةٍ من فرنسا، لكنه تعهد بمد يد العون إذا طُلِبَ ذلك. ووجه حديثه إلى الصحفيين قائلاً «سننتظر السلطات الفرنسية إذا أرادوا أن يطلبوا شيئاً منَّا لاسيما فيما يتعلق بموقعنا ومنشآتنا، وسنسعد كثيراً بتزويدهم بالتضامن والمساعدة». ولبلاده قاعدة جوية على ساحلها الغربي تستخدمها القوى الغربية في المهام الإنسانية وعمليات الإنزال الطارئة. وسُئِلَ كاسوليدس عن مدى استعداد حكومته لمساندة شن هجمات من الجزيرة على تنظيم «داعش»، فردَّ «لم نتلق طلباً بشأن شن هجمات لكن كما تعلمون فإننا منحنا مساندتنا لتنفيذ القواعد البريطانية عمليات من أراضينا».