بعض الأفكار في مجتمعاتنا العربية لها رائحة تدعوك إلى فتح النوافذ وتشغيل مروحة XXXX للتخلص منها. وكلمة فكرة في حد نفسها مرادف لصورة رجل أصلع تضيء فوق «صلعته» لمبة بقوة 400 واط، وتوضع اللمبة داخل مربع أو مستطيل «أي شكل مربع»، ويمنع استخدام الأشكال الأخرى مثل المثلث والشكل السداسي حفاظاً على «أصالة» الفكرة!!! متطلبات إنتاج الأفكار يمكنني تلخيصها وحسب الدراسات العلمية المتخصصة وغير المتخصصة في هذا المجال إلى أولاً: لا بد أن يتوافر لديك دماغ، وإن كنت من ذوي الاحتياجات الخاصة لعدم وجود دماغ ما عليك إلا أن تتوجه إلى أقرب محل لبيع «التحف» للحصول على دماغ مستعمل وتتوقف حالة الدماغ، التي ستشتريها على مقدار ما يتوافر لديك من أفكار عفنة وبالية، فهذه المحلات تحتوي على أدمغة من عصور الجاهلية إلى عصرنا الراهن. أما الثمن فهو مجاني شامل رسوم الشحن والتوصيل.. بعد الحصول على الدماغ لا بد من توافر مصدر للإلهام ومصادر الإلهام كثيرة بدءاً من مواقع الإنترنت، التي لم تترك شيئاً إلا وكتبت عنه وانتهاء بالقنوات الفضائية، التي تدعم الأفكار وتغذي الخوف، وتعتق الذل في الأعماق كي تقودنا إلى حتفنا، ليس هذا فحسب، بل تنشأ «تقاليد» وعادات للامتثال والاستسلام ل «ما وجدنا عليه آباءنا»، وتتوالد من هذه الثقافة «أمثال» و«حكم» و«مأثورات» تكرّس الذل والأوهام. وحسب علم التشريح في الأحياء، فإن الفكرة تقع في مكان ما من جسم الإنسان وتحاط بمجموعة كبيرة من العضلات الإرادية وغير الإرادية -وسأضع ثلاثة خطوط حمراء تحت كلمة اللا إرادية- فعند ازدياد الضغط على هذه العضلات أو وجود محفز خارجي، فإن الفكرة ستخرج حسب العامل المحفز لخروج الفكرة. أما هذا النوع من التفكير فهو مشتق من الفعل «فكر»، وهو الاعتقاد بشيء يخالف الواقع «كان يفكر أنه يفهم». وهنا تحضرني تجربة مجموعة من العلماء، الذين وضعوا خمسة قرود في قفص واحد، وفي وسط القفص يوجد سلم وفي أعلى السلم هناك بعض الموز، وفي كل مرة يصعد أحد القرود لأخذ الموز «يرش» العلماء باقي القرود بالماء المغلي، بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يصعد لأخذ الموز، تقوم البقية بمنعه وضربه حتى لا تُرش بالماء! بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفاً من الماء، بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قرداً جديداً، وأول شيء كان يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز، ولكن فوراً يقوم الأربعة البقية بضربه وإجباره على النزول! بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد أن عليه ألا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب! ثم قام العلماء أيضاً بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد، وحل به ما حل بالقرد البديل الأول، حتى أن القرد البديل الأول شارك زملاءه بالضرب وهو لا يدري لماذا يضرب، وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة، حتى صار في القفص خمسة قرود لم «يرش» عليها ماء مغلي أبداً، ومع ذلك تضرب أي قرد تسول له نفسه صعود السلم دون أن تعرف ما السبب! ولو سألنا القرود لماذا تضرب القرد الذي يصعد السلم؟ أكيد سيكون الجواب: لا ندري هذا ما وجدنا عليه آباءنا!