حسم مجلس الشورى أمس موقفه من مشروع نظام رسوم الأراضي البيضاء، بالموافقة على الترتيبات التي حملها، مع إجراء بعض التعديلات على بنوده، وذلك قبل ثلاثة أيام من نهاية المهلة التي منحها المقام السامي للمجلس لدراسة المشروع بعد أن أحيل إليه من مجلس الوزراء في 19 أكتوبر الماضي، على أن يتم وضع البرنامج الزمني والمرحلي لتطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء كما ستحدده اللائحة التنفيذية، التي تتضمن أيضا القواعد والأحكام الموضوعية للمشروع. والمشروع، الذي أعده مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، يهدف إلى تقليل كلفة الحصول على المسكن الملائم، خصوصاً لذوي الدخول المحدودة أو المنخفضة، ويتضمن تشكيل لجنة برئاسة وزير الإسكان وعضوية ممثلين عن وزارات العدل والمالية والشؤون البلدية والقروية والاقتصاد والتجارة والصناعة والإسكان لوضع برنامج زمني يحدد مراحل تطبيق متدرج للرسم المحدد ب 100 ريال للمتر المربع الواحد، وتحديد الأراضي ومساحاتها في كل مرحلة، وفق اعتبارات تقدرها اللجنة، وبما يحقق التوازن بين العرض والطلب. تعديلات على المشروع واستمع المجلس في جلسته العادية ال 65، برئاسة الشيخ الدكتور عبدالله آل الشيخ، إلى وجهة نظر لجنة الحج والإسكان والخدمات بشأن ما أبداه الأعضاء من آراء ومقترحات أثناء مناقشة تقريرها بشأن مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسم على الأراضي البيضاء، وذلك خلال الجلسة العادية رقم 61، التي عقدها المجلس بتاريخ 20/ 1/ 1437ه. وقال مساعد رئيس مجلس الشورى الدكتور يحيى الصمعان إن المجلس قرر الموافقة على تحويل مسمى مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسم على الأراضي البيضاء إلى مشروع نظام رسوم الأراضي البيضاء، الذي سيعمل على تحقيق التوازن بين العرض والطلب، مبيناً أن حكومة خادم الحرمين الشريفين لا تهدف من فرض الرسم على الأراضي البيضاء إلى جباية الأموال أو دعم موارد الدولة المالية، وإنما هي من بين الإجراءات المتخذة لمعالجة أزمة السكن. وأبان بأن المجلس أجرى بعض التعديلات على بنود المشروع، ومنها أن يتم تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء على مراحل وبشكل تدريجي وفق برنامج زمني، بما يسهم في تحريك الجمود في بيع الأراضي وزيادة المعروض منها. وأعرب رئيس المجلس عن تقدير المجلس لرئيس وأعضاء لجنة الحج والإسكان والخدمات وكل مَنْ شارك معهم من الأعضاء في دراسة مشروع النظام، مشيراً إلى أن اللجنة كانت في حالة انعقاد دائم طيلة الأيام الماضية لإنهاء الموضوع خلال الثلاثين يوماً من تاريخ إحالته إلى المجلس من المقام السامي وفق ما قضى به التوجيه الكريم. وأشار إلى أن خادم الحرمين متى ما رأى المصلحة العامة تقتضي تحديد مدة لدراسة نظام بعينه، فله الحق في ذلك فهو المرجع لجميع السلطات. يذكر أن نص المشروع تضمن أن يتقدم ملاك الأراضي إلى الأمانة أو البلدية المعنية بالوثائق والبيانات المتعلقة بأراضيهم خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ الإعلان عن اعتبار أراضيهم خاضعة للرسم وفقاً للبرنامج الزمني من الترتيبات، إضافة إلى معاقبة مالك الأرض، الذي لا يتقدم خلال المدة المحددة بغرامة تعادل قيمة الرسم المستحق. تشير مصادر «الشرق» إلى أنه سيتم البدء بفرض الرسوم على الأراضي الخام أولاً وعلى فترة زمنية محددة وبعدها تضم الأراضي المطورة، بحسب ما ورد للمجلس في التنظيم. فيما رفض أعضاء المجلس الاستثناءات الواردة في المشروع، وذلك منعاً للتحايل أو التداخل مع التنظيمات الأخرى والجهات الأخرى، على أن يكون فرض الرسوم شاملاً لجميع الأراضي بكل أشكالها بما في ذلك أراضي الوقف أو الأراضي التي عليها قضايا في المحاكم وغيرها. كما رفض الأعضاء تحديد رسوم الأراضي ب 100 ريال للمتر المربع، واقترح فرض رسم يعادل %2.5 من قيمة الأرض، وهو اقتراح حظي بتصويت أغلبية الأعضاء. دعا عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث إلى الإسراع في تشكيل هيئة وطنية لقطاع العقار تتولى متابعة آلية فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، مع القيام بوضع التشريعات والأنظمة مع تحديد النسب المئوية على الأراضي البيضاء، وكذلك الأراضي المطورة، وذلك بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية مثل البلديات والعدل مع والمالية، بالإضافة إلى الإسكان. وقال ل «الشرق»: بعد موافقة الشورى على فرض رسوم الأراضي البيضاء يجب أن يتم تشكيل هيئة تتابع حيثيات هذه القرار الذي يُعد خطوة إيجابية سوف تساهم في كبح الأسعار الملتهبة لأسعار الأراضي مع تعزيز ودعم قطاع العقار الذي تعرض لحالة من الركود خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وبيّن المغلوث أن دور الهيئة هو وضع القوانين التي يستطيع المواطن الرجوع إليها لمعرفة التفاصيل المتعلقة بأسعار الأراضي والرسوم المتوقع فرضها على كل أرض قابلة للتطوير بجانب النسب المئوية على كل أرض. ولفت إلى فرض الرسوم على الأراضي البيضاء سيدعم خزينة الدولة للقيام بتنفيذ عدد من المشاريع المتعلقة بالإسكان، وهذا سيؤدي إلى تقليل قائمة الانتظار من قِبل المواطنين على صندوق التنمية العقاري وسيدعم قطاع البناء والتشييد. أكد عقاريون أن الحاجة باتت ملحة لتأسيس منظومة عقارية متكاملة ومترابطة تضم عدة أنظمة من بينها الرهن العقاري، والتسجيل العيني للعقارات، والتثمين العقاري، والإنهاءات العدلية والإجرائية، بالإضافة إلى تسهيل الإجراءات الإدارية لدى بعض الدوائر الحكومية للمساهمة في حل مشكلة الإسكان في المملكة. واعتبر عدد منهم تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء إحدى الآليات، التي ستسهم في حل المشكلة، مؤكدين أهمية تطبيق الرسوم على محتكري الأراضي البيضاء وليس على المطورين، الذين يسهمون في تنمية اقتصاد المملكة. جاء ذلك أثناء حلقة نقاش نظمتها اللجنة العقارية في غرفة الأحساء بمشاركة «الشرق». وأكد المهندس خالد الصالح أن المناطق الحضرية في المملكة مقسمة إلى ثلاث مراحل: الأولى وهي الأراضي، التي تم إيصال الخدمات لها من قبل الدولة إلا أنها لم تخطط أو تنظم من قبل مالكها، وهي التي يجب فرض الرسوم عليها نظراً لأن التنمية فيها عالية جداً فتلك الأراضي تتضخم قيمتها دون أن يستفيد منها المواطن. فيما يرى عبدالله النشوان أن الحركة في أسواق العقار تتسم حالياً بالهدوء بسبب ترقب المواطن للقرارات، التي ستصدر من الجهات المختصة، وقال بمقارنة مساحة المملكة مع دخل المواطن نجد أن أسعار الأراضي تعد مرتفعة جداً. من جهته، يؤكد فهد الكليبي أن قرار فرض الرسوم سيزيد من الكلفة على المواطن بطريقة غير مباشرة، حيث ربط بينه وقرار إلزام أصحاب المخططات بتطويرها قبل طرحها للبيع. فيما يؤكد حمد المغلوث أن مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي وفقاً لآخر الإحصاءات بلغت 7.2 % ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 5.8 سنوياً، وقال إن القطاع العقاري له تأثير على 92 نشاطاً في المملكة مثل المقاولات، الديكور، بيع الأدوات الصحية والكهربائية وغيرها، لذا يجب مراعاة مثل تلك الأمور قبل اتخاذ أي قرار. أما عادل الشعيبي، فأشار إلى أن عدم توافر التمويل يعيق العقاريين عن عملية التطوير، مشدداً على أهمية مساهمة البنوك في عمليات التطوير لتوفير الأراضي، التي يحتاج إليها المواطن، وسوف تنشر «الشرق» التفاصيل في عدد غدٍ الخميس.