تابعنا بحزن ليلة السبت الجريمة الشنيعة التي أظلمت مدينة النور «باريس»، وخلفت وراءها الضحايا والجرحى، ذلك الشعور بالابتئاس ينتابني في كل لحظة تزهق فيها أرواح الأبرياء، وأظن بل وأجزم أن عموم المسلمين يراودهم ذات الشعور، الذي لم يرتبط يوماً بمعيار المكان، بل كان دوماً يمقت قتل الأبرياء أينما كانوا ومهما كانوا. خادم الحرمين الشريفين الملك الوالد سلمان بن عبدالعزيز – أيده الله –، أعرب في تغريدته عن تعازيه، مؤكداً ومنوهاً إلى العالم أن الإسلام بريء من تلك الأفعال براءة الذئب من دم ابن يعقوب، داعياً إلى تعزيز وتكثيف محاربة الإرهاب، ذلك الإرهاب الذي كانت المملكة في طليعة ضحاياه، وواجهته وجابهته ودعت ونادت إلى استئصاله ومحاربته بلا هوادة، وخير دليل على ذلك دعوة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – في 2014/8/30 م، بضرورة التكاتف العاجل لسحق التنظيمات الإرهابية قبل تفشيها وتجذرها، لتصل إلى أوروبا وبقية دول العالم، ولو قوبلت تلك الدعوة بمزيد من الجدية، لما كان ما كان في باريس أخيراً وما سبقها من أحداث مؤسفة. ما أردت إيضاحه أنه لا مزايدة على موقف المملكة المناضل في مواجهة الإرهاب، فكراً وتنظيماً ووجوداً بكل حزم وحسم. وعندما تتبعت ردود الفعل المحلية المستنكرة للتفجيرات، صعقت عندما فوجئت بأحد المثقفين يوجه اعتذاراً عن الأمة الإسلامية إلى العالم من أفعال هؤلاء القتلة، وأستغرب وبشدة لماذا الاعتذار؟! هل تحاسب أمة تبلغ ما يقارب ربع سكان الأرض بفعل شرذمة تبرأنا منها ومن عقيدتها، بتعدادها الذي لا يذكر مقارنةً بعموم المسلمين؟ علينا أن ندرك المشهد ونفهم أننا وديننا العظيم المنزل من ربنا سبحانه وتعالى، وشريعتنا الغراء التي نهت عن تلك الأفعال، لسنا في موضع الاتهام بتاتاً، ولن نقبل أن تطالنا الاتهامات جراء فهم هذا التنظيم لشرائع وأحكام الدين الحنيف بكل جهل وحماقة، واستغلاله لتنفيذ أجنداتهم الدموية. لنستخلص أننا لسنا في موضع الاتهام بتاتاً، ونحن ومساجدنا ومقدراتنا كنا الضحايا في المقام الأول. ختاماً أستحضر كلمات أمير العاصمة المقدسة سمو الأمير خالد الفيصل حينما قال: «الأمر جلل.. في الكون خلل.. والصبر ملل، استفحل القتل واستكبر الجهل، واستسلم العقل، لنواجه الفكر بالفكر.. ونسترد الإسلام من خاطفيه.. ونحسم الأمر مع قائميه».