دعا رئيس لجنة التصوير في لجنة التنمية الاجتماعية بالقطيف الفوتوغرافي محمد خراري المصورين الفوتوغرافيين في المملكة والمهتمين بتصوير البورتريه إلى تشكيل أرشيف خاص يتضمن صور المثقفين والشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية والفنية في المملكة مؤكداً ، « حتى ولو اعتبر تقليداً فهو تقليد محمود». جاء ذلك في المحاضرة التي قرأ فيها خراري سيرة وتجارب المصور العالمي من أصل تركي، رائد البورتريه يوسف كارش الذي خلد ذكرى عدد من الشخصيات الفنية والثقافية والسياسية العالمية في عصره على رأسهم الملك فيصل بن عبد العزيز، ورئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل والرئيس الفرنسي شارل ديغول والرئيس الكوبي فيدل كاسترو والعالم أينشتاين والأم تيريزا وغيرهم، والتي احتشد فيها عدد كبير من المهتمين بالتصوير والتي نظمتها لجنة التصوير في فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالدمام وأدارها رئيس اللجنة الفوتوغرافي مصلح جميل. ويذكر خراري تصنيف كارش كأحد الشخصيات الأكثر تأثيراً في العالم في القرن الماضي و جميع أعماله الآن موجودة في الأرشيف الوطني الكندي ككنز وطني يجب الحفاظ عليه. وأشار إلى شهرة كارش كمصور بورتريه، إلا أنه كان يصور عدة أنواع أخرى، وله أعمال في المدن الكندية وعمال المصانع واستخدمت أعماله كأغلفة مجلات وكأغراض دعائية لبعض الشركات. وتناول خراري دقة ووضوح بورتريهات كارش ومادتها الغنية الملتقطة في الغالب بكاميرا (Large format) مقاس 8×10 بوصة التي سمحت لنا أن نرى بعض شخصيات عصرنا المتميزة بشكل وثيق، مضيفاً « وقوة بورتريهات هذا الفنان تكمن في حقيقة أنها ذكريات تكشف عن شيء ما خاص بطبيعة عصرنا والمشاهير الذين ينتمون إليه». واستعرض خراري سيرة كارش الذاتية وأهم محطات حياته وعددا من الصور التي التقطها من بينها بورتريهات الشخصيات الشهيرة، حيث كان أول مصور في كندا يُقام له معرض عام 1967م بعنوان « أناس صنعوا عالمنا «، ضم أكثر من مائة بورتريه. وصور كارش على مدى حياته 17 ألف بورتريه لشخصيات شهيرة ومؤثرة. وصور كارش 370 ألف نيجاتيف و 12 ألف شريحة ملونة و 50 ألف مطبوعة أصلية تبرع بمائة منها إلى «الجاليري الوطني الكندي». وذكر خراري كتب كارش التي ألفها، وكان أولها « وجوه القدر» نشر عام 1941م، وتضمن الكتاب بورتريهات لأبرز الشخصيات العالمية أثناء رحلة كارش التصويرية إلى بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ( 60 يوماً و 43 بورترية ). وأوضح خراري فلسفة كارش الخاصة في التقاط الصور والتي تتمثل في دراسة الشخصيات بعمق وعناية تامة قبل تسليط الضوء عليها، ويعّد كارش «الضوء»، الحظ السعيد الذي مهد الطريق لعمله مع آلة التصوير. وكان لاهتمام كارش الكبير بالإضاءة أثر كبير، حسب خراري ، « نجد صور السياسيين الذين قام بتصويرهم يبدون لنا كأولياء سياسيين إن جاز التعبير، فوجوههم محاطة بهالة من الضوء الذي أسبغ عليهم صفة العظمة»، ويضيف « كان كارش يراعي أن يبرز لكل شخص ما يلائمه، فالمسرحيون كانت تؤخذ لهم لقطات حية بالملابس الخاصة بالأدوار وكذلك بعض الأدباء مع كتاب أو بنظارة قراءة، والموسيقيون مع آلاتهم والنحاتون مع نماذج من أعمالهم. وتناول خراري بعض مقولات كارش التي تتضح فيها فلسفته، حيث كان يتجنب « امتلاك أية فكرة مسبقة عن الكيفية التي سيقوم عبرها بتصوير أي شخصية قبل الاستعداد للتصوير وكان يؤكد « كل ما أعرفه هو أنه بداخل كل رجل أو امرأة سر خفي، ومهمتي كمصور إماطة اللثام عنه إن استطعت». وأوضح خراري أن كارش كان لا يكتفي بالاعتماد على موهبته وحرفيته بل على الشخصية التي يصورها ومدى تعاونها وتآلفها معه. ويؤكد «قد وظف كارش في براعة كل ما يتعلق بلغة التصوير من إشارات اليدين، وحركات الوجه، ولغة الجسد وحركاته وإيماءاته، واتجاه تحديق العينين، لينقل لنا في وضوح وبشكل مترابط منطقياً الرسالة المتعلقة بنوع البطل الذي يتم تصويره». وأشار خراري إلى البورتريهات المحببة لكارش، من بينها ونستون تشرتشل، وجورج برناد شو، وإرنست همنغواي، واستعرض عدداً كبيراً من أعماله أمام الحضور. وناقش الحضور مع خراري بعض الصعوبات التقنية التي كان يواجهها كارش والنقد الذي وجه لأعماله، وعلاقته الحميمة بالفنانين والمشاهير، وعن كون كارش مدرسة للبورتريه حيث يعتبر الذين أتوا من بعده قدموا إضافات فقط. ووفر خراري عدداً من المؤلفات حول كارش ليطلع عليها المهتمون من الحاضرين.