نحن نعيش حياة من ألوان، ذات سحر وفتنة، لها لغتها المتناغمة، وبريق مدهش، وغواية مشروعة، تدب إلى أعيننا ببهجة، للألوان عالمها الخاص، وفلسفتها، وحنانها، وطابعها المسالم، لها ثقافتها الطافحة بالجمال والزينة، لها حديثها وهمسها كالأنغام، قوس قزح وألوان الطيف والطبيعة دليل على جمال الألوان ورونقها، عندما ترمي إليها بصرك تشعر بالانشراح والحنين لأيام الصبا وعن حالة راعشة تنتابك، ودهشة جامحة تعتريك نحو ألوان تمرق من أمام ناظريك، لا تملك إلا أن تقف أمامها مبهوراً بتلك التحفة المشعة المتلألئة. قالوا عن الألوان، مثلاً، الأحمر فاقع يعلن عن شبقية مفرطة، الأخضر مسالم لا طعم له، الأصفر شقي لا حياة فيه، الأبيض عذري لا يتقن الغواية، والأزرق غريب يبحث عن ضفة، لنقل الأسود إذاً، فهو أنيق، له كبرياء الحزن، غموض الليل وفرح السهرات الخاصة. ولكل إنسان فلسفته واختياره وحبه لألوانه المفضلة والمحببة إلى قلبه، فلها لذة تجعلك أمامها مذهولاً، تستنطقها تبحر في كُنهها، تحاول أن تفهمها لكنك لا تستطيع، فهي غامضة لا تبوح بأسرارها إلا من فهمها وفك رموزها، هناك ألوان للفرح، وأخرى للحزن، وألوان للغرام والحب، وأخرى للعتب، هناك ألوان فاتحة، دافئة وألوان غامقة باردة، وقد قيل: إن الرابط بين الحب واللون الأحمر هو الدم لأنك تضحي بدمك وكل ما تملك لأجل من تحب، وهو يتميز بإشعاع غزير، واللون الأحمر بصفة عامة يجتذب العين إليه بلا مقاومة، واللون الأحمر حسب موقعه. ففي ألوان الزهور يثير الإحساس بالبهجة والجمال. اللون الأحمر هو لون الحب والنار يعطي نفحات من الطاقة، يثير مراكز الانتباه في المخ فهو لون جذاب ولافت، هناك ألوان تجلب لك الدفء وألوان تبعث فيك الوجد، وأخرى تجعلك تنتشي بحب الحياة، ألوان نسائية وأخرى رجالية، وكل منهم يغني على لونه، تجعلك تقول: على هذه الأرض ما يستحق الحياة. الألوان حياة مبهجة زاهية، مدرسة الألوان لها صلة وثيقة بالفنانين التشكيليين. وخير من يحترم الألوان ويفهمها هم الفنانون التشكيليون والشعراء، لكن الشريحة التي تبهجها بريق الألوان وتجذبها كالنحلة على الزهر، ويناجيها البوح الكلاسيكي الرومانسي، هُنّ النساء اللاتي يملكن الذوق الرفيع والحس المرهف والتشريح النابض بهمس للألوان وبعضهن مبدعات في مدرسة الألوان وتناغمها وحُسن الاختيار، والطبيعة غنية بألوان الحياة والجمال، وألوان براقة من إبداع الخالق سبحانه، لغة الألوان لغة ساحرة فاتنة مخاتلة تعيش معنا في كل مكان، وتبقى الألوان لها وقعها في النفس، كل الألوان تليق بمن تتقمصها، «هيَ» من يجعلها فاتنة جذابة.