أكد مصدر رفيع المستوى أمس في تصريحات خاصة ل الشرق، أن المملكة ترفض وبشكلٍ قاطع الابتزاز التي تمارسه الهيئات والوكالات الاقتصادية العالمية، التي تبني تقاريرها على آراء مضللة في ظل الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة وتقف في وجهها المملكة كقوتين سياسية واقتصادية، كاشفاً عن إلغاء المملكة للعقد المبرم بينها وبين الوكالة بعد تأكد الجهات المعنية من عدم دقة التقارير التي تطرحها الوكالة على الرأي العالمي. وبين المصدر أن حكومة المملكة ألغت في وقتٍ سابق عقداً موقعاً مع الوكالة نفسها بعد أن لاحظت عدم دقة التقارير وشبهات كشَفها خبراء ونقاد اقتصاديون وسياسيون ظلت تحوم حول الوكالة وأعضائها، خاصة بعد ورطتها مع دول أخرى من بينها إيرلنداوالولاياتالمتحدةالأمريكية واتهامها خدمة أهداف سياسة بحتة، الأولى حينما ارتكبت الوكالة خطأ فادحاً في العام 2009 أثناء تدخلها في العملية السياسية لإيرلندا مطالبةً بحكومة جديدة، لتعتذر فيما بعد عن سوء الفهم الذي وصفت فيه تدخلها في الشأن المحلي الإيرلندي، وبعدها حينما ألمح نقاد غربيون وأروربيون أن تقارير الوكالة وشركات تصنيف أخرى كانت أحد الأسباب التي ساهمت في الأزمة المالية العالمية، لتعود مرةً أخرى وتخفض تصنيف الولاياتالمتحدةالأمريكية، الأمر الذي سرع بمجلس أوراق المال الأمريكي إلى مطالبة مقيمين الائتمان بالإفصاح عن مناهجهم وتعزيز الضوابط الداخلية لها، ناهيك عن اتهام وجهته مفوضية أوروبا للوكالة نفسها أنها تستغل نفسها كونها مزوداً وحيداً لرمز الأوراق المالي للسندات الدولية. وواجهت المملكة أمس أحد سيناريوهات التقارير الاقتصادية المضللة بعد أن أفصحت وزارة المالية في بيان لها أن قرار ستاندرد آند بورز خفض التصنيف الائتماني للمملكة العربية السعودية إلى A مع نظرة مستقبلية سلبية إلى عدم اتفاقها مع المنهجية المتبعة في هذا التقييم من قِبل ستاندرد آند بورز، واصفةً التقييم الذي قامت به الوكالة عبارة عن ردة فعل متسرعة وغير مبررة، ولا تسنده الوقائع إذ استندت الوكالة في تقييمها إلى عوامل وقتية وغير مستدامة، ولم يكن هناك تغير سلبي في العوامل الأساسية التي عادة تستوجب تغير التقييم. وشددت وزارة المالية أنه ليس أدل من كون هذا التقييم متسرعاً وغير مبرر أن التقييم خفض في أقل من عام من تصنيف -AA مع نظرة إيجابية إلى A مع نظرة سلبية استناداً فقط إلى تغيرات أسعار البترول العالمية دون نظر إلى عوامل أساسية إيجابية متعددة التي لو أُخذت بعين الاعتبار بشكل فني لتم تأكيد التقييم السابق على الأقل، مؤكدةً أن قرار الوكالة لم يكن متسرعاً فحسب بل يتعارض بشكل جوهري مع فكرة التصنيف وأساسياته الفنية التي تقتضي أن يأخذ التصنيف المتجرد بعين الاعتبار الأبعاد كافة المؤثرة على الجدارة الائتمانية للمصنف. ومِمَّا يؤكد موقف الوزارة الفارق الكبير بين منهجية ونتائج تصنيف وكالات التصنيف الدولية الأخرى. ونوهت وزارة المالية في بيانها أنه بالنظر إلى أساسيات الاقتصاد السعودي فلا تزال – ولله الحمد – قوية مدعومة بأصول صافية، تزيد على 100% من الناتج المحلي الإجمالي واحتياطي كبير من النقد الأجنبي، كما واصل الاقتصاد نموه الحقيقي بمعدل يتجاوز الاقتصادات المماثلة على الرغم من انخفاض أسعار السلع الأساسية، يضاف إلى ذلك ما تم اتخاذه من إجراءات لضبط أوضاع المالية العامة ولضمان أن تظل الأصول الداعمة للمحافظة على المالية العامة في وضع قوي. من جهة أخرى استبق أعضاء في مجلس الشورى في وقتٍ سابق تحذيراتهم من مثل تلك التقارير الدولية التي تسعى للإرجاف وتضليل العامة بشأن معلومات مغلوطة عن الاقتصاد السعودي، مشيرين إلى أن كل اقتصادات العالم تمر بدورة اقتصادية والمملكة جزء من العالم، وأن الاقتصاد السعودي تجاوز عديداً من الأزمات ولديه القدرة على تجاوز الأزمات والاستفادة من دروس الماضي، مشيرين إلى دور المملكة وسعيها على تنويع مناشطها الاقتصادية، في حين أكد أمس الأول من المنامة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على هامش مؤتمر أمني في العاصمة البحرينية المنامة إنه بإمكان المملكة مواجهة عجز الموازنة رغم هبوط أسعار النفط وإن وتيرة النمو الاقتصادي والمتانة المالية للبلاد ستظل قوية. من جهة أخرى قال الرئيس التنفيذي لشركة سمة السعودية للمعلومات الائتمانية نبيل المبارك في مقابلة تليفزيونية مع «العربية»، إن هذا التصنيف الصادر من وكالة «ستاندرد آند بورز»، كان سيختلف لو كانت هناك مشاورات بين الوكالة والمملكة عند إجراء التقييم، مضيفاً: «عادة ما تصدر التصنيفات بعد مشاورات بين الوكالة والشركة أو الدولة لأن المداولات تعطي صورة أوضح، وبالنسبة للمملكة لو كانت هناك مشاورات لكانت الصورة أوضح وعدم التشاور يعطي انطباعاً سلبياً». وأكد المبارك أن التصنيف ليس له تأثير على تكلفة الاقتراض أو الديون لأن ديون السعودية السيادية هي بنسبة 100%، وهي قروض محلية من البنوك، وبالتالي لن يكون للتصنيف أثر على تكلفة هذه الديون. ولفت المبارك في حديثه أمس إلى اختلاف التقييمات بين وكالة وأخرى بسبب اختلاف المنهجية التي تتبعها كل وكالة، ولذلك من الصعب جداً اتفاق هذه الوكالات على رأي واحد. وقال رئيس سمة «لقد استندت «ستاندرد آند بورز» إلى تقارير قد لا تكون موثقة عند وضع تقييمها للسعودية، ولذلك جاء التقرير سلبيا، ومن هنا يجب معرفة خلفية تقارير التصنيف والجهة التي أصدرتها. وأشار المبارك إلى أن الحكومات الأوروبية وجهت انتقادات حادة منذ الأزمة المالية لوكالات التصنيف، حيث كانت توجد مطالبات بأن تمتلك الحكومات هذه الوكالات، وليس من المعقول سيطرة 3 وكالات فقط على 95% من وكالات التصنيف، وكلها أمريكية. وقال المبارك «هذه التقارير من الممكن أن تستخدم كأداة ضغط، وهذه النقطة تعتبر نقطة ضعف في عمل وكالات التصنيف الائتماني، وأحيانا تستخدم هذه التقارير في أشياء لا يمكن ذكرها، ولا تخدم المصلحة العامة». وأوضح المبارك أنه تم تدارك هذه الإشكالية مؤخرا، وخلال الفترة المقبلة ستكون لدينا وكالة تصنيف ائتماني متخصصة. وكانت مؤسسة فيتش مؤخراً قد أعلنت تصنيفها الائتماني للسعودية عند AA مع نظرة مستقبلية مستقرة، في حين أكدت المؤسسة أيضا تصنيفها لديون السعودية الطويلة الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية عند AA مع نظرة مستقبلية مستقرة بحسب تقرير للوكالة المالية التي تعد واحدة من أكثر وكالات التصنيف دقة وحذراً في تحليلاتها المالية، في الوقت الذي حصلت فيه المملكة على رتب متقدمة من التصنيف المالي والائتماني من وكالات مالية عالمية من بينها فيتش و»ستاندرد آند بورز نفسها وغيرها كانت قد أشادت بمستوى مناعة الاقتصاد وقدرته على مواجهة الأزمات المالية التي تعتري الاقتصاد العالمي. وتعني النظرة المستقرة للوكالة أن اقتصاد المملكة سيظل يحقق ذات الأداء القوي وأفضل منه في المستقبل. وأكدت تقارير عالمية أن السوق المالية في المملكة تعد من أكبر الأسواق العربية وأكثرها تنوعا في منتجات الاستثمار بالأسهم والطروحات الأولية التي لم تنقطع وتيرتها في أشد أوقات الأزمة المالية لأسواق العالم، في حين كان لدخول السعودية مجموعة الدول العشرين الأكثر تأثيراً في اقتصاد العالم رسالة قوية على صعود اقتصاد المملكة كواحد من الاقتصادات الجاذبة لرأس المال والمصدرة له في نفس الوقت من أجل حفظ توازن أسواق الاستثمار المالي عالمياً. واستشهد عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور عبدالعزيز الحرقان إلى القرار القضائي الذي صدر ضد ستاندرد آند بورز الذي يلزمها دفع 1.5 مليار دولار للحكومية الأمريكية بسبب عدم مصداقيتها في التقييم، في حين شدد المستشار الاقتصادي في المال والأعمال سالم الزمام على أهمية رفع مستوى مهنية وحداثة التقارير الرسمية لكشف حقائق التقارير التي تسيء إلى اقتصاد المملكة والخليج، منوهاً بما تطرق إليه مدير صندوق عالمي سابق في عدم الاستثمار دول خليجية أخرى، واصفاً تلك التقارير بالنموذج للأسباب الخفية التي تهاجم اقتصاد السعودية والخليج. أما محمد العنقري الكاتب والمحلل الاقتصادي ققد شدد على أن تقارير الوكالة ليست ذات أهمية خاصةً بعد أن فقد مصداقيتها منذ الأزمة المالية عام 2008 ، وأنه لا أثر فعلي على السندات طويلة الأجل التي ستصدرها "ساما"، لأن التقرير لم يطلب رسمياً، في حين أن هناك تصنيفات إيجابية معتمدة من وكالات كبرى، مؤكداً أن الأثر إيجابي، لأنه يعتمد على وقائع كانخفاض الدين العام والملاءة المالية الكبيرة، منوهاً بأن التصنيف جاء من طرف واحد ولم يبن على معلومات تفصيلية. أما شجاع البقمي الخبير والكاتب الاقتصادي ققد أكد أن ستاندرد آند بورز تجاهلت نمو اقتصاد المملكة وأن السحب من الاحتياطي النقدي توقف منذ 3 أشهر متتالية رغم تراجع النفط، واصفاً التقرير وغيرها من التقارير التي تشوه اقتصاد المملكة بالتقارير المضروبة، مشيراً إلى أن المملكة ألغت التعاقد مع الوكالة في حين تجازوت عدة أزمات اقتصادية آخرها أزمة عام 2008 . يذكر أن السعودية ووفقاً لتقارير اقتصادية قد سددت 616 مليار ريال من دَينها العام في آخر 11 عاماً، لينخفض بنسبة 93 % ا عن مستوياته في 2003، التى كانت 660 مليار ريال. وكانت أعلى قيمة تم سدادها من الدَّين خلال الفترة من 2004 حتى 2014، في عام 2005، حيث تم سداد 150 مليار ريال، ليصل الدَّين العام إلى 460 مليار ريال، بعد أن كان في حدود 610 مليارات ريال في 2004. وكانت ميزانية 2005، قد سجّلت فائضاً بحدود 218 مليار ريال. فيما كانت أدنى قيمة تم سدادها في الفترة نفسها، هي عشرة مليارات ريال في عام 2009، عندما حققت ميزانية الدولة عجزاً بحدود 87 مليار ريال. يُشار إلى أن الدَّين العام السعودي كان قد تراجع في 2013 للعام العاشر على التوالي، متراجعاً بنسبة 39 % عن مستوياته في 2012، البالغة 99 مليار ريال. وكان الدَّين العام قد سجّل 660 مليار ريال في 2003، ومنذ ذلك التاريخ والدولة تنتهج سياسة تخفيضه عاماً تلو الآخر، مستفيدة في ذلك من عوائد النفط المرتفعة والفوائض الكبيرة في سداد الدَّين، حتى تقلص إلى 44.3 مليار ريال في 2014م، أقل بنسبة 93 % مما كان عليه في 2003، وذلك بنسب تخفيض تُراوح بين 4 %، كأقل نسبة في 2009 عندما حققت ميزانية الدولة عجزاً، و39 % كأعلى نسبة في عامي 2013. وبلغت نسبة الدَّين 3.4 % من الناتج المحلي بالأسعار الثابتة (الحقيقي) في 2014، حيث من المتوقع بلوغ الناتج 1304 مليارات ريال. فيما كانت نسبة الدين 4.8 % في 2013، حينما كان الناتج 1259 مليار ريال. وحققت جميع النشاطات الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نمواً إيجابياً؛ إذ يقدر أن يصل النمو الحقيقي في نشاط "التشييد والبناء" 6.7 % ، وفي نشاط "الصناعات التحويلية غير البترولية" إلى 6.54 % ، وفي نشاط "الاتصالات والنقل والتخزين" 6.13 % ، وفي نشاط "تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق" 5.97 % ، وفي نشاط "خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال" 4.46%. ويعد القطاع الخاص هو الأكثر نمواً من حيث النسبة خلال الأعوام الخمسة الماضية وتحديداً منذ عام 2010، حيث نما بنسبة 10.3 % خلال عام 2010، مقارنة بعام 2009، وبنسبة 7.7% خلال عام 2011، وبنسبة 6 % في كل من عامي 2012 و2013، وبنمو بنسبة 5.7% خلال عام 2014. وعلى صعيد أداء الناتج المحلي بالأسعار الثابتة في السنوات السابقة وتحديداً منذ عام 2010 فقد نما الناتج المحلي بالأسعار الثابته بنسبة 7.4 في المائة بقيمة 73.84 مليار ريال ليصل إلى 1.07 تريليون ريال بنهاية عام 2010، بقيادة القطاع الخاص غير النفطي، حيث نما الأخير بنسبة 10.3 % بنحو 58 مليار ريال ليصل إلى 620.7 مليار ريال. كما نما بنسبة 8.6 % بقيمة 91.4 مليار ريال إلى 1.16 تريليون ريال خلال عام 2011، وبنسبة 5.8 % ما يعادل 67.3 مليار ريال خلال عام 2012 ليصل إلى 1.23 تريليون ريال. أما الناتج المحلي بالأسعار الجارية فمن المتوقع أن تبلغ قيمته بنهاية 2014 نحو 2.82 تريليون ريال بنسبة نمو قدرها 1.09 % عن قيمته في عام 2013، البالغة نحو 2.79 تريليون ريال.