للأسبوع الثالث على التوالي؛ منع أنصار إمامٍ تونسي عزلته السلطات مؤخراً إقامة صلاة الجمعة في جامع سيدي اللخمي في مدينة صفاقس «وسط شرق»، مطالبين بإعادته، فيما تمسكت وزارة الشؤون الدينية بقرارها، مؤكدةً اتساقه مع القانون. وكما حصل في الأسبوعين السابقين؛ حال أنصار رضا الجوادي دون إلقاء الإمام الجديد، الذي عيَّنته وزارة الشؤون الدينية، خطبة الجمعة. وعندما همَّ الإمام الجديد باعتلاء المنبر أمس؛ شرَع مئات من أنصار سلفِه المعزول، بينهم نساء، بالهتاف بصوت واحد «الله أكبر»، ليضطر إلى الانسحاب. وتجمع المحتجون لاحقاً أمام مقر «المنظمة التونسية للشغل» الذي يبعد نحو 100 متر عن جامع اللخمي، ورددوا هتافات مناهضة لوزير الشؤون الدينية، عثمان بطيخ، مثل «بطيخ ارحل» و»الشعب يريد الجوادي من جديد» و»بالروح بالدم نفديك يا جوادي». وخطب أحد المتظاهرين في البقية قائلاً «نريد توجيه رسالة إلى رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، نقول له إنه يتعين الحفاظ على الهدوء في صفاقس، القرارات الظالمة لا تحقق السِّلم في هذه المدينة». وغداة قتل إرهابيّ 38 سائحاً أجنبياً في ولاية سوسة «وسط شرق» في يونيو الماضي؛ قرر الصيد غلق 80 مسجداً اتهمها ب «التحريض على الإرهاب» وعزَل أئمة وصفتهم وسائل إعلام محلية ب»المتطرفين» وبينهم الجوادي. وغداة ثورة مطلع عام 2011؛ سيطر متشددون على أكثر من 1000 مسجد استرجعت السلطات معظمها، حسب ما أعلنت وزارة الداخلية التونسية العام الماضي. ومنذ أن تسلمت حكومة الصيد مهامها في 6 فبراير الماضي؛ تم عزل نحو 20 إماماً «من أصل 18 ألفاً في البلاد» وفق المسؤول في وزارة الشؤون الدينية، سليم بالشيخ. وشدد بالشيخ على أن «المساجد مرفق عام يخضع لإشراف الدولة وليست قطاعاً خاصاً». ورضا الجوادي عضو في «المنظمة التونسية للشغل» التي تأسست في عام 2013. والمنظمة والجوادي محسوبان على حركة النهضة التي قادت حكومة «الترويكا» الثلاثية بين نهاية 2011 ومطلع 2014. لكن وزارة الشؤون الدينية عزلته عن إمامة جامع اللخمي في صفاقس في سبتمبر الماضي بسبب تنظيمه «اجتماعات نقابية». ومساء أمس الأول؛ أطلقت السلطات سراح الجوادي مع آخرين بعد توقيفهم الثلاثاء بتهمة «جمع أموال من دون ترخيص قانوني في جامع سيدي اللخمي» على أن يمثلوا لاحقاً أمام القضاء. وأعلن مسؤول في وزارة الشؤون الدينية، في تصريحٍ للإذاعة الرسمية، أن المُلاحقين في هذه القضية جمعوا تبرعات من المصلين وأموالاً من مواطنين مقابل «إشهار عقود الزواج في الجامع» و»هذا مخالف للقانون». ورأى أن هؤلاء تصرفوا مع الجامع و»كأنه ملك خاص» وقاموا ب»بيع ممتلكاته» دون علم الوزارة و»كأننا في دولة داخل الدولة». في المقابل؛ عدَّ الجوادي بُعيدَ الإفراج عنه أن التهم الموجهة إليه «كيدية». وقال أحد أنصاره، ويُدَعى صابر، إن «الرجل ضحية مظلمة كبيرة.. لسنا دعاة عنف أو فتنة لكننا سنساند إمامنا إلى الآخر». وردَّ المتحدث باسم «الشؤون الدينية» بالقول إن «التهم التي تم توجيهها.. ليست تهماً كيدية وليست سياسية، إنما هي أفعال ثابتة اعترف بها المشتبَه فيهم (..) والوزارة متمسكة بتتبعهم قضائياً».