وجَّه ممثلون عن الطرفين الرئيسين في الصراع الليبي انتقاداتٍ لإعلان الأممالمتحدة فجر أمس عن تشكيلة حكومة وفاق تهدف إلى إنهاء النزاع بينهما، في وقتٍ اعتبر المبعوث الأممي الخاص بالأزمة، برناردينو ليون، بأن «الحوار بين الأطراف كان صعباً»، حاثَّاً على إنجاح مخرجاته. ودعا برناردينو ليون الليبيين إلى دعم الحكومة المؤقتة التي كشف عن أسمائها خلال مؤتمر صحفي عُقِدَ في مدينة الصخيرات المغربية. وأشار إلى مشاركة أكثر من 150 شخصية ليبية تُمثِّل كافة المناطق في تسمية رئيس الوزراء ونوَّابه والوزراء، مُذكَّراً بأن جهوده للوصول إلى هذه المرحلة بدأت قبل عام. وأعلن ليون، وهو دبلوماسي إيطالي سابق، تسمية النائب في برلمان طرابلس غير المعترف به دولياً، فايز السراج، رئيساً لحكومة الوفاق مع 3 نواب يمثلون الغرب والشرق والجنوب وهم أحمد معيتيق وفتحي المجبري وموسى الكوني إضافة إلى 17 وزيراً بينهم امرأتان. ولن تكون هذه المقترحات نافذة إلا بعد إقرارها من المجلس الرئاسي الذي سيضم رئيس الوزراء ونوابه الثلاثة ووزيرين هما عمر الأسود من الزنتان ومحمد العماري المحسوب على برلمان طرابلس غير المعترف به. واقترح ليون تمثيل أعضاء المجلس الرئاسي بلادهم في الخارج بالتناوب. وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في أغسطس 2011 فوضى أمنية ونزاعاً على السلطة تسبَّبا في انقسامها قبل عام بين حكومتين إحداهما لا تحظى باعتراف دولي وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً، فيما تمارس الحكومة المعترف بها أعمالها من طبرق شرقاً. ولم يرشح برلمان طرابلس أسماءً للانضمام إلى حكومة الوفاق، فيما تجاوب برلمان طبرق المعترف به دولياً وقدَّم لائحةً ضمت عدداً من الشخصيات. وأفاد ليون بأنه اعتمد على أسماء رشحها محاورون بشكل فردي بعدما لم يقدِّم البرلمان غير المعترف به لائحته. واستندت هذه العملية على اتفاق سياسي وُقِّعَ في سبتمبر الفائت وبلغ ذورته فجر أمس بتسمية الوزراء. ورحَّب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالتوصل إلى الاتفاق، ودعا الأطراف المتنازعة إلى توقيعه. وحضَّ في بيانٍ له على «عدم إضاعة هذه الفرصة لإعادة ليبيا إلى المسار الصحيح الذي يعكس روح ثورة 2011 وطموحاتها»، محذراً من «التأخير في إقرار الاقتراحات التي وُزِّعَت على أطراف الحوار السياسي». واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أن «المفاوضين الليبيين أثبتوا حس المسؤولية والقيادة وروح التوافق في وقت حاسم من تاريخ بلادهم». وأعلنت موغيريني، في بيانٍ باسمها نُشِرَ على الموقع الإلكتروني للاتحاد الأوروبي، دعم الاتحاد بشكلٍ كامل النص النهائي لاتفاق السلام وأعضاء حكومة الوفاق الوطني. ودعت كافة الأطراف إلى «المصادقة على هذا الاتفاق الذي يلبي طموحات السلام والرخاء»، كاشفةً عن استعداد أوروبا لتقديم الدعم السياسي والمالي بما يصل إلى 100 مليون يورو للحكومة الجديدة. وفشلت اتفاقات عدة تم التوصل إليها في السابق في إرساء حل سياسي في ليبيا ووقف دائم لإطلاق النار. وشارك في جولة الحوار الأخيرة في المغرب ممثلو أحزاب وبلديات وقبائل وشخصيات من المجتمع المدني والنساء. لكن النائب في برلمان طرابلس، عبدالسلام بلاشهير، أبلغ تليفزيون «بي بي سي» بقوله «لسنا جزءاً من هذه الحكومة، ولا تعني شيئاً بالنسبة لنا ولم يتم التشاور معنا في شأنها». وفي موقفٍ مماثل؛ رأى النائب في برلمان طبرق، إبراهيم الزغيات، أن «هذه الحكومة المقترحة ستقود إلى تقسيم البلاد وستتحول إلى مهزلة»، واصفاً هذا الخيار بأنه «يفتقر إلى الحكمة». لكن المبعوث ليون تطلَّع إلى إقرار الاتفاق بشأن السلام وتشكيل الحكومة قبل 20 أكتوبر الجاري «لتبدأ مرحلة انتقالية من سنتين». وأقرَّ بأنه كان يمكن التوصل إلى أسماء أفضل من المقترحة، واصفاً الحوار بأنه «كان صعباً». وحمَّل ليون نفسه المسؤولية إذا فشل الاتفاق، فيما حمَّلها للأطراف المشاركة فيه حال نجاحه.