من البرامج التي لها صدى اجتماعي بارز في حياتنا اليومية هو برنامج الواتساب، المطروح على الهواتف الذكية، يحمل البرنامج مزايا عديدة أهما التواصل الفردي والتواصل عبر القروبات، وهو سلاح ذو حدين بين الفائدة وضياع الوقت والتعب النفسي والجسدي؛ فكثيرٌ منا يتابع البرنامج ساعات طويلة دون أثر ثقافي واضح وهي متعة وقتية لا أكثر كما يعرفها بعضهم. أعتقد أن القيمة الحقيقية لبرنامج الواتساب تكمن في نوعية المضافين عندك؛ فمتى ما كانوا على قدر كبير من الوعي والميول الثقافية المنوَّعة أصبح العائد على الجميع عبر الرسائل الفردية والقروبات أعظم وأكبر. ولا أخفي عليك أني استفدت استفادة كبرى ساهمت عندي في قراءة المشهد الاجتماعي والثقافي والفكري والديني؛ كوني أشرف الآن على مجموعة كبيرة من القروبات تحمل عناوين مختلفة، فمنها التراثي والثقافي والفكري والديني والاجتماعي والإخباري والكوميدي والرياضي والوطني، كما يهمني الابتعاد عن المواضيع التي من شأنها المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في الإثارة الدينية والوطنية، ويهمني أن تكون رسالة القروبات الاحترام قبل كل شيء. طرحتُ قبل فترة سؤالاً عبر صفحتي على الفيسبوك، وهو: هل يصنع الواتساب ثقافة؟ وكانت المشاركة كثيفة ومميزة من قبل الإخوة والأخوات العزيزات، فكانت النسبة 70% لا و30% نعم. ومن أبرز المشاركات التي أجد لها قيماً ثرية ومميزة وجديرة بالطرح: بعضهم يرى أن الواتساب هو مضيعة للوقت لا أكثر، وأن مواقع التواصل الاجتماعي لها أثر محدود، ولكن الكتاب يصنع تغيراً حقيقياً، كما أني أرى الواتسآب جزءاً من صناعة الحدث ويساهم بشكل كبير في تغيير الصورة النمطية للحادثة لو اُستُغل بالطريقة المناسبة في التأثير على الآخرين. من الطرائف التي تذكر للواتساب ولربما تعتبر إيجابية وسلبية في نفس الوقت، ما نراه من الانشغال التام بين الزوج والزوجة وأفراد الأسرة، فتدخل البيت وتسلم ولا تجد من يرد السلام عليك، فقد ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في قتل متعة الحديث والكلام، فاكتفى كثير منا بتقديم التبريكات والتعازي والسلام عبر البرنامج. خلاصة القول، إن الواتساب لا يصنع ثقافة ووعياً كما تصنعها القراءة من الكتب ومجالسة أهل الشأن والاختصاص. نعم تصبح القيمة عندما يكون مهتماً في حقل معين، وإذا حدد نوعية المضافين على قدر من الوعي بكل تأكيد ستصبح القيمة ذات معنى وشأن.