تتعدد تعريفات الإدارة بحسب البيئة، وإن من أفضلها – في نظري – هذا التعريف: «هي العلم الذي يعُنى بالبشر، ويجعلهم أكثر قدرة على الأداء المشترك، فيشحذ مواطن قوتهم، ويحيَّد نقاط ضعفهم». للإدارة مهام أساسية، هي أنها: – تحدد أهداف ورسالة المؤسسة. – تعمل على زيادة الإنتاج ورفع كفاءة العاملين. – تدير التأثير الاجتماعي والمسؤوليات الاجتماعية. وبما أن الإدارة علم فعلى من يمارسها أن يحسن إعمال عقله بشكل دائم، بل عليه أن يحفز عقول فريقه على التفكير بشكل إيجابي من أجل التطوير وتحقيق الأهداف، فكثيرًا ما يردد بعض الأشخاص القول بأهمية التفكير خارج الصندوق حتى أنهم يسرفون في ذلك بشكل كبير في عمليات عصف ذهني مرهق لا يوصل إلى نتائج! إن التفكير داخل الصندوق – غالبا – ما يكون أفضل؛ لأنه يستند إلى بيانات وإمكانات ومعطيات حقيقية يمكن أن تستثمر بشكل عملي في اتخاذ القرار الصائب. الخلاف ينشأ بسبب الاختلاف، ففي بعض المؤسسات يكون هناك اختلاف واضح بين أجيال الموظفين، واختلاف بينهم في طرق التفكير بسبب اختلاف ثقافاتهم، وقد يقود ذلك الاختلاف إلى خلاف داخل المؤسسة يتسبب لها بمشكلات كبيرة تعيق تطورها ونماءها. إن المدير الذي لم يستطع فهم ذاته لن يكون قادرا على فهم من حوله دون شك، وسيكون حائرًا وحيدًا غير قادرٍ على الإنجاز؛ لأن الإدارة عمل جماعي مشترك يقوم على التشاور من أجل الوصول إلى أفضل الحلول المناسبة، والنجاح الحقيقي للمدير يكون في قدرته على الوعي المتواصل بانعكاس صورته لدى المتعاملين معه من المرؤوسين، والوعي التام بطريقتهم التي يرونه بها، وكذلك ردود أفعالهم تجاه تصرفاته! على المدير الذي يسعى إلى النجاح أن يعمل على تطوير أدائه المهني، ويسعى باستمرار إلى تعديل سلوكه الإنساني، ويبذل كل جهده لتكريس طاقته لفهم مشاعر الموظفين والاستجابة لها بشكل إيجابي وفعال. يتعامل الإنسان على امتداد حياته مع مجموعة غير محددة من الأفراد بظروف مختلفة، وأماكن مختلفة، ومواقف متباينة، وكل أولئك من أفراد وأماكن وأزمنة وأشياء ومواقف تحتم عليه أن يستخدم عقله من واقع تجاربه السابقة أو ما يتعلمه لوضع أنماط وأنظمة وتصنيفات؛ ليسهل على نفسه حُسن إدارة كلِّ ذلك. للإدارة أنماط معروفة تتمثل في سلوك المديرين أثناء ممارستهم لأعمالهم اليومية، ويطغى على كل مدير – غالبا – نمط معين قد يلازمه مدى حياته، ولعل من أبرزها المدير الدكتاتور، وهو – غالبًا – يتفرد برأيه بشكل واضح، ولا يحترم رأي أهل التخصص، ولا يهتم بما يقوله له أهل الخبرة، ولا يلجأ إلى المشورة إلا مضطرًا عندما يكون في حال ضعف شديد.. ومن سمات الدكتاتور تقلب المزاج بين وقت وآخر، والتردد المستمر؛ لأنه في بعض الأحيان يكون محتاجًا إلى المشورة الصادقة فلا يجدها أو أنه من واقع خبرته وتجاربه السابقة لا يثق برأي مَن حوله أو لا يصدقهم؛ إما لأنه يعلم خوفهم الشديد من إبداء الرأي الصحيح الذي يتعارض مع قناعاته التي يعرفونها مسبقًا. يقع الدكتاتور في حالات خوف شديدة ويتظاهر – غالبًا – بضدها؛ لأنه يجد نفسه في بعض المواقف المحرجة وحيدًا بلا مستشارين حقيقيين، فتزداد تخبطاته – تحت ضغوط من الخوف والتشويش والعناد – بسبب اعتماده على رأيه الفردي غير المدروس والمفتقد لمعلومات حقيقية! يعبر علماء الإدارة عن هذا النمط من المديرين بألفاظ متعددة منها المستبد أو المتسلط، وذلك لأن هذا النوع من المديرين شديد المركزية، ويقوم بأغلب الأعمال بنفسه، ويهمش دور مساعديه بشكل حاد، ويزعم أنه يعرف كل شيء، وأن رأيه على الدوام هو الأصوب، فيوزع توجيهاته وأوامره دون مشاورة مَن يقوم بتنفيذ الأعمال، والدكتاتور لا تتوقف دكتاتوريته عند مرؤوسيه بل تتعدى إلى من هم في مركزه الوظيفي أيضا، وغالبا ما يعتقد المدير المتسلط بسبب مركزه الوظيفي وما لديه من سلطات أن يقرر وحده ما ينبغي عمله، ويلجأ لأساليب رقابية متعددة وعقيمة وعنيفة كذلك، كما أن الدكتاتور لا يحبذ وجود الأقوياء حوله، فيكثر حوله المنافقون الذين لا رأي سديداً لهم أو يزينون الرأي الذي يثقون أنه يتوافق وهواه، ويكثر حوله – كذلك – المتزلفون المنتفعون من التشويش عليه وجعله في حالة من القلق الدائم الذي يمكنهم من تحقيق ما يرغبون، وقد يصنعون منه فرعونا! وقفة: إن المدير الحقيقي بل القائد الناجح هو الذي يحترم أنظمة المؤسسة التي يقودها، ويمضي مع فريقه من خلالها بصدق لتحقيق الأهداف، وينمي فيهم احترام اللوائح والأنظمة، ويعمل على حسن تطبيقها بشكل متقن.