ضعف الإقبال على انتخابات المجالس البلدية في دورتها الثالثة، رغم السماح للمرأة بالترشح والانتخاب، يعكس حالة الخيبة التي مُني بها «الشارع»، الذي تحتضن قارعته حفراً وندوباً ومطبات، عجزت كل المجالس عن علاجها، أو حتى تجميلها ب «ميك أب» كذّاب، سيُعجز حتى «العضوات» الجديدات للمجالس، رغم الاختصاص! فوق كل هذا تفاجئنا وزارة الشؤون البلدية في نظام المجالس الجديد، بمادة تنص على تخصيص مقر دائم للمجالس البلدية، وتعتمد لهذا الغرض مبلغاً يزيد عن ثلاثة مليارات ريال! حقيقة لا أعرف ما الذي دعا الوزارة إلى الإقدام على خطوة مكلفة مثل هذه؟! هل لمست الوزارة منجزاً حقيقياً للمجالس البلدية عرفته بحكم قربها ولم نعرفه نحن؟! أم إن عدم وجود مقرات خاصة للمجالس هو العائق الذي منعها من أداء دورها؟! أم إن الأمر إيغال في الشكليات حد الغرق، كما تغرق شوارع جدة في مياه الطفح على مرأى من مجلسها البلدي الموقر، وبلدياتها، وأمانتها؟! أعطونا مبرراً واحداً يمنع الاستفادة من مبنى بلدية، أو مدرسة، أو كلية، أو أي مبنى حكومي مهيَّأ لعقد جلسة مجلس بلدي، يقدّم منجزاً واحداً، يُقنعنا أن صرف المليارات الثلاثة على مبانٍ لن تستخدم إلا مرتين في الشهر، ليس هدراً للمال العام! لست ضد المجالس البلدية، لكنني ضد أن تبقى أسيرةً لفكرة الممارسة الانتخابية بصفتها غاية، وشكليات أخرى بكلفة باهظة لا مبرر لها! كان هذا مقبولاً في الدورة الأولى، لكن في الثالثة لا. كان على الوزارة أن تتمثَّل شعارها «كن جزءاً من التطوير»، وتطوِّر نظام المجالس البلدية، برفع سقف صلاحيات المجلس، ومنحه أدوات تنفيذية تمكِّنه من إنجاز شيء يلمسه الناس! لكن يبدو أن الوزارة مازالت تراهن على حالة الانبهار، ونشوة التجربة الأولى، التي أسرت الناخبين والمترشحين في الدورة الأولى، ولم تعرف أنهم تجاوزوها منذ انتهائها بدليل أن الإقبال قلّ في الدورة الثانية، وضعُف في الدورة الثالثة، ومَنْ يتقدم اليوم هم أكثرية طامعة في الشهرة والوجاهة ومكافأة العضوية، وأقلية تريد أن تُنجز لكن الواقع سيصدمها، وستأخذ طريق أسلافها!