صعَّد ناشطو المجتمع المدني في لبنان تحركهم ضد الطبقة السياسية أمس باحتلال وزارة البيئة للمطالبة باستقالة الوزير محمد المشنوق قبل انتهاء مهلة منحوها للسياسيين لتلبية مطالبهم. ويأتي هذا التصعيد المفاجئ قبل ساعات من انتهاء المهلة التي حددتها حملة "طلعت ريحتكم" لاستقالة وزير البيئة وإيجاد حل دائم لأزمة النفايات المستمرة منذ شهر ونصف الشهر. ودخلت شرطة مكافحة الشغب مبنى وزارة البيئة دون أن تتدخل على الفور، لكن عناصرها أبعدوا شباناً كانوا يحاولون دخول المبنى الذي غادره معظم الموظفين. ثم أجبرت الشرطة معظم مراسلي وسائل الإعلام على مغادرة المبنى وفق مشاهد بثتها التلفزيونات. "برا، برا، برا، مشنوق برا" هتف الشباب المعتصمون في الوزارة في ممر قريب من مكتب الوزير الذي كان لا يزال بداخله. وأضافوا "طلعت ريحتكم، طلعت ريحتكم" مستعيدين شعار الحملة المدنية التي كانت وراء التحرك، و"سلمية، سلمية!" تأكيداً على رفضهم العنف. وجلس بعض الناشطين على الأرض وأدوا النشيد الوطني، فيما لوَّح آخرون بالأعلام اللبنانية من نوافذ الوزارة الواقعة في وسط بيروت. وكان هناك عناصر أمن آخرون في أسفل المبنى حيث تجمع عشرات المواطنين تلبية لنداء حركة "طلعت ريحتكم" التي تقف وراء الحملة التي شارك فيها عشرات الآلاف من اللبنانيين بالنزول إلى الشارع السبت احتجاجاً على فساد السياسيين وعدم تحركهم لحل مشكلة النفايات. وبعد ظهر أمس، وجهت الحملة نداء إلى اللبنانيين عبر صفحتها على فيسبوك للتظاهر والتوجه إلى وسط بيروت. وقال لوسيان بورجيلي أحد منظمي حملة "طلعت ريحتكم" المشاركة في التحرك إن الشباب لن يتركوا الوزارة قبل استقالة الوزير. وقال بورجيلي "إذا استجابوا لمطالبنا قبل انتهاء المهلة فسننسحب". واستبعد مصدر قريب من رئيس الوزراء تمام سلام أي استقالة لوزير البيئة. وقال المشنوق الإثنين إنه سينسحب من اللجنة الوزارية المكلفة بملف النفايات ولكنه لن يستقيل، مثيراً غضب الناشطين. وقال مروان معلوف أحد منظمي حملة "طلعت ريحتكم" الموجودين داخل الوزارة "الزبالة أمام كل منزل. من المسؤول عن هذا الوضع؟ هو، وزير البيئة هو المسؤول". وإذا كانت حركة الاحتجاج الحاشدة حرَّكتها أزمة النفايات التي تفاقمت في منتصف يوليو إثر إغلاق أكبر مكبّ في لبنان وتراكم النفايات في الشوارع، فإنها جاءت تعبيراً عن غضب الناس إزاء الفساد المستشري وشلل مؤسسات الدولة والهيئات السياسية. وصرخ الناشطون المعتصمون في وزارة البيئة "ما بدنا مجلس زبالة، ما بدنا مجلس التمديد" في إشارة إلى تمديد النواب ولايتهم مرتين منذ انتخابات 2009 بسبب الانقسامات السياسية وهو ما يعتبره الناشطون "مخالفاً للقانون"، كما عجز النواب عن انتخاب رئيس للجمهورية للمنصب الشاغر منذ مايو 2014. وعدا عن معالجة أزمة النفايات، يطالب المحتجون بتنظيم انتخابات نيابية جديدة. ولم تردّ السلطات بعد رسمياً على مطالب المجتمع المدني. ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الحوار بين السياسيين في 9 سبتمبر لكن الناشطين احتجوا على هذه المبادرة التي اعتبروها وسيلة لصرف الانتباه عن القضية الرئيسية.