انخفاض أسعار النفط سيتأثر به الاقتصاد عموماً، ما يجعل قضية العقار – خاصة المساكن – تأخذ بعداً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً – فضلاً عن البعد الاقتصادي- يحتم تدخل الحكومة تدخلاً مباشراً بقرارات قوية في هذا الاتجاه. في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية، وتأثيرها البالغ على اقتصادنا المحلي، أصبح قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء، أداة اقتصادية ستستعين بها الحكومة، ليس لمعالجة الأسعار المتضخمة وحسب، بل ولإيجاد مورد مالي كبير يدعم خزينة الدولة. قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء لم يعد قرار وزارة الإسكان، بل أصبح قرار الحكومة، وعلى رأسها الملك رئيس مجلس الوزراء، ونائبه ولي العهد، لمواجهة متغيرات اقتصادية سيكون لها انعكاسات سلبية يجب علاجها بإصلاحات استباقية، من بينها رسوم على الأراضي البيضاء، التي أوصى بفرضها أيضاً صندوق النقد الدولي ضمن حزمة توصيات قدمها للمملكة، لمواجهة العجز المتوقع جراء انخفاض أسعار النفط. كل المؤشرات تذهب في اتجاه تصحيح سعري كبير لسوق العقار المتضخم، الذي دخل في مرحلة ركود، رغم محاولات كبار تجار العقار كسر هذا الركود بافتعال صفقات مجدولة، أغلبها مجرد تدوير فيما بينهم لوضع نقاط دعم سعرية وهمية، كي لا يكسرها السوق، وتفلت الأمور من أيديهم. لست ضد تاجر العقار المقتدر، ولكني مع المواطن البسيط «المعتّر» الذي يؤرقه حلم السكن، ويبدو له بعيد المنال، بسبب فجوة مهولة تفصل بين دخله وقيمة المنزل الحلم، بدليل أنه بعد قرار فرض 30 % كدفعة مقدمة لشراء المنازل توقفت حركة بيع المنازل، التي كان محركها الأساس قروض البنوك التي تكبل المشتري بديون مخيفة وأقساط تأكل نصف دخله بقية عمره. عزيزي تاجر العقار، القلق الذي يسيطر عليك الآن لأنك ستخسر بعض أرباحك، فإن أخاك ذا الدخل المحدود يعيش مثله أضعافاً مذ دخل معترك الحياة، ويؤرقه أطفال لا يعرف أي مصير ينتظرهم بعد موته، وهو لم يترك لهم منزلاً يؤويهم! هو إنسان مثلك يشكو ويتألم، ويتمنى ويحلم، فاحتسب هامش ربحك الذي سيتقلّص من أجله، وأنت بالطبع أدرى كم يعادل هذا الفتات المفقود من منازل!