هذهِ ليست دعوة للعشاء بل قصة حقيقة أخبرتني بِها ورقة البقدونس مؤخراً قبل أن تُصبح تبولة! ذات مرة وبينما كنتُ مُندمجة فِي اختيار ورقات البقدونس وغسلها وتقطيعها وإعداد سلطة التبولة وحيثما كنتُ غارقة فِي تفكيري وبين تساؤلاتي، نظرت إحدى الورقات فِي عيني وابتسمت وكأنها فهمت ما كان يدور في تفكيري حينها! - لم كُل هذا التعب؟ ولم كُل هذا الإرهاق والتكّلف فِي جدولة الخطط ورسم الخطوط الدقيقة لِحياتك؟ - نعم! تكلف! ولم لا أتكلف وأبذل مزيداً مِن المجهود فِي وضع الخطط التطويرية الدقيقة، فٓالخطط الجيدة والمُحكمة هي ما تصنعُ لنا إنجازات جيدة! - نعم، معكِ حق! وضع الخطط وجدولة الأيام وترتيبها أمر مهم، ولكن التّكلف والتّعقد فيها وفي المهام أمر غير مجد. - عفواً أيتها البقدونسة؟ ما الّذي تعنينه بِذلك؟ - نَحنُ لسنا بِحاجة لِوضع مهام تفوق طاقتنا وقدراتنا فقط لِندخل فِي تحد خاسر يُصيبنا بالإحباط، كما أننا لسنا بِحاجة لِتجديد ورفع مستوى الخطة خلال فترات زمنية مُتقاربة. - إذاً، ما الّذي نَحنُ بِحاجة إليه برأيك؟ - عزيزتي أنا لا أرفضُ التّحدي، ولكنّي أرفضُ الخوض فِي التحديات قبل معرفة قدراتنا وحدودها، كما أرفضُ الانتقال مِن خطة لِخطة أعلى دون إتقان الخطة السابقة. سكتت قليلاً ثُمَّ أردفت قائلة: أفضلُ ما يمكن أن نعملهُ ونقدّمهُ لأنفسنا هو أن ننجز الحاضر، أن نتجاوز الماضي، أن نكتسب الأشياء الجيدة كعادات وملكات نُلازمها وليست رداء نلبسهُ لِفترة مؤقتة، فالإنجاز الحقيقي هو الاستمرار، وهو وحده كفيلٌ بِالتطوير والانتقال لِلمرحلة القادمة. لا تخجل ولا تقلق مِن كونك لا تملك خطة جديدة فالاستمرار هو أفضل الخطط على الإطلاق. استمر على العمل الجيد وستجد نفسك ترتفع لِلعتبة الأعلى دون أن تشعر، كورقات بقدونس واحدة تلو الأخرى حتّى تصنع سلطة تبولة تكتسبُ بِها النكهة الجديدة والطّعم الّلذيذ، أو كحبات الحمّص التي تطحن مع بعضها بعضاً لِيرّش عليها زيت الزيتون، و«صحة وهناء».