تلقت الساحتان الخليجية والعربية خبر وفاة الإعلامي السعودي سعود الدوسري بحزن وأسى شديدين وبتفاعل جماهيري عظيم على شبكات التواصل الاجتماعي، التي اكتظت بتغريدات وصور وذكريات مع الراحل وقد أجمع الجميع على حُسن أخلاقه وتواضعه وحبه للخير. الراحل بدأ حياته العملية في إذاعة الرياض مذيعاً للأخبار حتى انتقل إلى تليفزيون الشرق الأوسط إم بي سي وتحديداً في إذاعه إم بي سي إف إم في لندن عام 1994 مقدماً نشرة الأخبار هناك. كان نشاط الراحل مقصوراً على نشرات الأخبار والبرامج السياسية، لكنه كان محباً للفن ويمتلك حنجرة ذهبية إذاعية مرموقة وذات بصمة كبيرة، ومن هذا المنطلق وبالصدفة قدَّم الدوسري أول برنامج فني له على الهواء مباشرة وقد حقق نجاحاً كبيراً وملحوظاً آنذاك فكانت البداية. فقدَّم على إذاعة ام بي سي إف إم برنامج «سمر حتى السهر» والبرنامج الشهير « ليله خميس» إلى جانب الإعلامي المعروف أحمد الحامد، وقد ظل برنامج «ليلة خميس» في ذاكرة التاريخ حتى الآن وحصل على نسبة اجتماع عالية جداً في ذلك الوقت. ولم تكن الإذاعة إلاَّ نقطة انطلاق للراحل، فبعد أن أتم رسالته وقدَّم للتاريخ أعمالاً لا تُنسى، واصل الدوسري في تلفزيون الشرق الأوسط، ولكن هذه المرة بتقديم برنامج صباح الخير يا عرب عام 1995 بالإضافة للتقارير والنشرات الإخبارية على نفس القناة. وكان لحياة الراحل الدوسري انتقالات عديدة بين شاشات التليفزيون مع كبرى المؤسسات الإعلامية، فبعد أن انتقل من إم بي سي إلى شبكة أوربت عام 1996 قدَّم خلال العام عدداً من البرامج التليفزيونية كان أولها «حنين» الذي يسلط الضوء على الفنانين العرب ضمن مقابلات شخصية و «ليلكم فن» من القاهرة وبرامج أخرى مختلفة. ثم عاد الدوسري إلى العاصمة الرياض ليقدم برنامجاً مع الإعلامية إيمان المنديل في برنامج حواري مميز قاد فيه حوارات مع شرائح المجتمع المختلفة وجمع بين وجهات نظر عديد من الفنانين والمسؤولين والمثقفين. ثم عاد الدوسري في عام 2008 لتلفزيون الشرق الأوسط قدَّم خلالها عدداً كبيراً من البرنامج التلفزيونية قبل أن ينتقل لمجموعة روتانا، وكان الدوسري فخوراً بإنجازاته المختلفة في ام بي سي وبالعمل مع باكورة إعلاميين متمرسين وطموحين في أهم قناة تلفزيونية عربية. وقدَّم الدوسري في آخر حياته العملية عدداً من البرامج التليفزيونية «أهم عشرة» وبرنامج «تستاهل» وآخر محطاته التليفزيونية كان برنامج «ليطمئن قلبي» على قناة روتانا خليجية هذا العام بجانب الداعية عدنان إبراهيم. كما حصل الدوسري بعد أن أثبت قدرته على محبة الجمهور العربي والخليجي من خلال نتاجه العملي والبرامجي خلال الأعوام الماضية على جائزة أفضل مذيع عربي عام 1995 وقد حصل على جائزة جوردن أوورد كأفضل مذيع عربي. وفي يوم الجمعة أصيبت الساحة الإعلامية بفاجعة خبر وفاته، ومن الثانية الأولى لتأكيد الخبر انهالت التعازي والمواساة وبدأ الحزن يعم بشكل كبير على الخط الزمني للمشاركات في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، وقد نشر محبو الدوسري ومعجبوه صوراً لمراحل حياته وآخر صور وتغريدات قام بمشاركتها معهم. وقد تناقلت الشبكات الاجتماعية صوراً للراحل كان قد شاركها عبر «السناب شات» وعبر «الإنستجرام» كان يلمح لتعبه أثناء قضاء إجازته في باريس قبيل وفاته بساعات، وكانت آخر مشاركاته عن القرآن وكان الراحل يودع جمهوره بلمسات حانية وبابتسامته المعهودة ليقول تذكروني بخير وانقلوا عني خيراً. ولم تجتمع أطياف المجتمع على إعلامي كما اجتمعت عليه – رحمه الله – فعندما تأخذ دقائق معدودة لتطلع على آخر تحديثات الشبكات الاجتماعية تجد مشاركة المشايخ والمثقفين والفنانين والشعراء والساسة والإعلاميين الكبار. ذهب الدوسري فخلف فراغاً كبيراً لا يمكن تداركه بسهوله، وأثبت خلال مسيرته أن العمل الجاد وباستمرار سيولد عن نجاحات لا يمكن أن ينالها الإنسان إلا بالجهد والاجتهاد نحو القمة.