الهوس البرستيجي بالعاملة المنزلية، جعل منها موضة أو ستايل ترافق كل «مدام» في حلها وترحالها، في السيارة حسب البروتوكول والإتيكيت تستولي على المقعد الخلفي وكأنها إليزابيث الأولى، وفي الأسواق أو المولات تسير خلف المدام وكأنها حاشية أو خواص الملوك القدماء، وفي الحدائق والمتنزهات تجري خلف ذلك الطفل الصغير هنا وهناك، حتى أصبحت تفهم طباعه وميوله وما يحب وما يكره أكثر من والدته، بل إن بعض الأطفال نشأ وترعرع ونطق تلك العربية الركيكة المكسرة! لو عدنا بالذاكرة إلى الماضي الجميل وتذكرنا جداتنا ومعاناتهن مع الحياة آنذاك، اللاتي كن يستيقظن قبل أذان الفجر بكل نشاط وصحة وانتعاش، يصلين ويبدأن عملهن اليومي من حلب الأغنام وإعداد الإفطار وإيقاظ النيام لتناول إفطارهم استعدادا للذهاب لأعمالهم، بعدها تبدأ رحلة التحطيب وجلب الماء للمنزل (السقاية)، وكثير من الأعمال الشاقة كالغزل وخض اللبن وتنظيف الحوش وسقاية الأغنام والخ.. الآن بفضل التكنولوجيا الحديثة والأدوات المنزلية المبتكرة، أزيح كثير من الأعباء المنزلية عن كاهل ربة المنزل، ووفرت كثيرا من الوقت، ولكن مع الأسف أصبحنا لا نطيق حتى القيام بأبسط الأعمال المنزلية الخفيفة والبسيطة!! هل أصبحت العاملة المنزلية (برستيج) تتهافت عليه ربات البيوت وتتحلى به كالسيارة والجوال والساعة، وتلك الموديلات التي قد تلبس مرة واحدة قبل أن ينزل موديل آخر فتحجز جانبا من خزينة الملابس، وما إن تضيق رفوف تلك الخزينة بهم ذرعا ينزل الكرم الحاتمي على ربات المنازل من السماء، فيتذكرن الفقراء والمساكين في المقولة المأثورة (أنا ودي أتبرع للدولة الفلانية بالملابس القديمة صدقة)!! نحن مع العاملة المنزلية حينما تفرض ظروف وحاجة ربة المنزل الملحة كالموظفة والمريضة استقدامها، ولكننا ضد أن تستقدم العاملة المنزلية مع أثاث المنزل مثل التصميم والموضة، بينما تقضي الزوجة ساعات وساعات على برنامج الواتسآب والفيسبوك وتويتر صباحا، والزيارات العائلية والحفلات الاجتماعية مساء، لتصبح العاملة المنزلية هي العقل المدبر لكل ما يصول ويجول في ذلك المنزل، وباتت العائلة برمتها صغيرها وكبيرها يستجدون عونها ورضاها، فذلك يسقط قيمة الأم بين العائلة، هذا فضلا عن المبالغ الباهظة التي تتكبدها العائلة كرواتب لهذه العاملة المنزلية!! ندعو الأزواج والأولاد لمشاركة ربات المنازل (الأمهات) في الأعمال المنزلية وعدم رمي كل هموم المنزل على عاتقهن، فذلك الكسل والاتكالية أحد أسباب وجود هذه الإنسانة الغريبة (العاملة المنزلية) بين العائلة، بما تؤمن به من ثقافة وتحمل من عادات وتقاليد تتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا العربية الإسلامية شكلا ومضمونا، هذا فضلا عن تفاقم أحداث وممارسات العنف والجرائم التي ترتكبها ضد الأطفال وكبار السن. وقد غطت الصحف كثيرا من هذه الأحداث، كما أنه ليس من الوعي والإدراك أن تكون هناك (عاملة منزلية مثل ستايل) تلهج بالعربية المكسرة فقط للتفاخر والتباهي، أمام الجيران ومن يزور المنزل. فهذه الثقافة السلبية أصبحت ظاهرة للعيان، وتشكل خطرا على تنشئة الجيل القادم بشكل خاص وعلى العائلة والمجتمع بشكل عام.