أعدم تنظيم «داعش» الإرهابي الصحفي العراقي جلاء العبادي، بتهمة تسريب معلومات إلى وسائل الإعلام، في وقتٍ أدانت الحكومة المركزية في بغداد تفجيراً انتحارياً طال منطقة في ديالى وأسفر عن مقتل 90 شخصاً وإصابة 120 آخرين. واعتبر رئيس الوزراء، حيدر العبادي، أن هذه التفجيرات تزيد عزمه على تحرير كل شبر من أراضي العراق، وربطها بما قال إنه تقدُّم للقوات النظامية في محافظة الأنبار. وأفاد ضابط أمني سابق لا يزال موجوداً في أطراف الموصل، أن عناصر من «داعش» أعدموا الصحفي جلاء العبادي رمياً بالرصاص الأربعاء الماضي، بعدما أصدرت المحكمة الشرعية للتنظيم حكماً بقتله، بتهمة تسريب معلومات إلى وسائل الإعلام. وأكد مصدر في دائرة الطب العدلي في الموصل تسلُّم جثة الصحفي، الذي كان يعمل مصوراً لقناة محلية، كاشفاً عن إصابتها ب 4 طلقات في الرأس والصدر واليد والقدم. وكان جلاء العبادي (27 سنة) اعتُقِلَ من منزله في حي السكر الواقع في شرق المدينة، في ال 4 من يونيو الماضي، واقتيد معصوب العينين إلى جهة مجهولة بعد مصادرة حاسبه الشخصي ومتعلقاته. ورغم مغادرته مدينته مع اجتياح المتطرفين لها الصيف الماضي؛ فإنه اضطر إلى العودة إليها لاحقاً و «كان يسعى لمغادرتها مجدداً قبل اعتقاله»، بحسب مصدرمقرب منه. في سياق آخر؛ ارتفعت حصيلة قتلى التفجير الانتحاري الذي ضرب منطقة خان بني سعد (شمال شرق بغداد) مساء أمس الأول إلى 90 قتيلاً على الأقل، فيما تواصلت عمليات البحث عن جثث تحت أنقاض السوق الشعبية التي استهدفها التفجير. ويعد الهجوم الذي تبناه «داعش» من الأكثر دموية منذ سيطرته على مساحات واسعة من العراق في هجومٍ كبير شنَّه في يونيو 2014. وتتبع المنطقة التي استُهدِفَت إلى محافظة ديالى التي أعلنت الحداد ل 3 أيام. وقدَّر مدير ناحية خان بني سعد، عباس هادي صالح، حصيلة الضحايا حتى الآن ب 90 قتيلاً و120 جريحاً إضافةً إلى ما بين 17 و20 مفقوداً، راصداً 15 طفلاً على الأقل بين القتلى. ووصف صالح الهجوم ب «الأكبر في المحافظة منذ عام 2003». وتبنى التنظيم المتطرف التفجير فور وقوعه، وقال إنه نُفِّذَ بسيارة مفخخة حملت 3 أطنان من المتفجرات وقادها انتحاري. وتجمَّع سكان في خان بني سعد لمعاينة آثار دمار هائل لحِقَ بالسوق الشعبية التي استهدفها الانتحاري. وتمتد السوق على نحو 100 متر وتضم متاجر مختلفة تعرض الخضار والفاكهة واللحوم والملابس. وصباح أمس؛ كان دخان الحريق لا يزال يتصاعد من بعض المتاجر التي غطَّى السواد واجهاتها، بينما تعرضت مبانٍ أخرى لدمار شبه كامل. وخارج بعض متاجر بيع اللحوم؛ كانت قطع من لحوم الغنم والعجل لا تزال معلقة وبعضها محترق. وبدأت جرافة تابعة لوزارة الدفاع في إزالة الركام، في وقتٍ قام عمال بتنظيف الإسفلت الذي غطته مياه آسنة وقطع من الزجاج. وقدم سكان في المنطقة شهادات مروعة عن هول التفجير. وذكر مثنى السعدون (25 عاما)، وهو موظف بلدي موكل بتنظيف الشوارع، أنه كان يقود صهريج مياه ويستعد لتنظيف الشوارع استعداداً للعيد عندما وقع الهجوم، موضحاً «بدلاً من تنظيف الشوارع أصبحت أطفئ النار». وتحدَّث السعدون عن أشخاص رآهم يحترقون داخل سياراتهم «لأن الطريق كان مكتظاً ولم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول». واسترجع سالم أبو مقتدى (34 عاماً)، وهو صاحب متجر لبيع الخضار، لحظات ما بعد العملية الانتحارية معتبراً أن «الذي رأيناه لا يمكن وصفه .. حريق وجثث وجرحى وعويل نساء وأطفال»، وواصفاً الخان ب «ناحية منكوبة». وبحسب شهود؛ تقدم الانتحاري بسيارته وفجر نفسه عند نقطة تفتيش للشرطة وسط السوق، ونتج عن ذلك حفرة قطرها نحو 5 أمتار وعمقها نحو مترين، ولم يبق أي أثر لنقطة التفتيش. وبدلاً من الاحتفال بالعيد؛ حل الحزن والغضب. وأعلن محافظ ديالى عن حداد ل 3 أيام، وأمكن أمس رؤية شاحنات صغيرة تنقل عدداً من النعوش إلى مراسم التشييع. وكانت السلطات المركزية أعلنت في يناير الماضي تحرير المحافظة الحدودية مع إيران من قبضة «داعش»، إلا أن الأخير عاود استهداف مناطق فيها بتفجيرات وعبوات ناسفة. ودان رئيس الوزراء، حيدر العبادي، الهجوم الأخير. وتعهد في بيانٍ عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك» ب «ألا يكون للعصابات الإرهابية مكان في بلدنا.. سننال منهم ومن جريمتهم النكراء ولن يفلتوا من العقاب». وشدد العبادي على أن التفجيرات «تزيد من عزمنا على ملاحقتهم في ساحات القتال وفي كل شبر»، رابطاً بين الهجوم في ديالى و «الانتصارات التي حققتها قواتنا البطلة في جميع القطاعات ومنها عملية تحرير الأنبار». وكانت القوات العراقية أفصحت مطلع الأسبوع الماضي عن تكثيف عملياتها في محافظة الأنبار (غرب)، التي يسيطر المتطرفون على مناطق واسعة فيها، وأبرزها مدينتا الرمادي (مركز المحافظة) والفلوجة.