كقطعات الثلج المكعبة.. أصبح كل شيء صقيعاً في صقيع حتى الناس الأوفياء.. الأصدقاء العظماء، الضمائر الصامتة لا تقبل الحديث حتى فيما يخصها.. مقابل كل ذلك حفنة من مال، حتى الفقراء المعوزون صمتت أحاديثهم.. كلماتهم.. تنهيداتهم.. أمثالهم اليتيمة.. تعبيراتهم الصارخة.. الكل بمعنى أصبح يعيش ركودا في ركود.. صمت رهيب وحشة لا تنتهي.. تماما كبداية النهاية المغولية والمفجعة نهاية البجع المهترئة تخلى كل شيء عن ظله وطبعه الأصيل واختلط الحابل بالنابل.. ومعها تخلت الأشجار عن أوراقها والطيور عن أعشاشها.. والسحاب عن جبالها وبات الواقع يعصف بكل شيء، عبارة رسمت نفسها أمامي، بعد أن قرصت البرودة أناملها، بعد أن رأت مثلي تلك الطيور مجمدة على أغصان البلوط.. تحولت حركتها إلى صمت مريب.. طائر مالك الحزين بساق واحدة.. تجمدت وبقيت الأخرى لا تحرك ساكناً.. علمت بعدها العبارة عليك الرحيل..؟! ووقفت ساعة الرحيل.. ارحل خيراً من صمت لا يجيب وكلام لا يسمع وحقيقة لا تُرى ظلام لا ينتهي صراخ لا يعرف وجمود لا يرحل.. استفهامات طويلة عريضة.. أكوام الثلج، وموجات الضباب تملأ طريق رحلتي، ورحلت ماراً على كل الوجوه كانت الوجوه حاضرة والنفوس غائبة والقلوب تائهة.. حتى وإن نطقت ملامح الزمن الجميل التضحية والوفاء حب الخير على الملامح باديةغير أن جليد الوقت جمدها وغيب معها حقيقة تلك الضمائر الحرة.. كل شيء أصبح كان وأصبحت معها يا مكان.. مازالت نظراتي تتعثر في عبراتي، تحاول نبش عيون كل الأزمنة في حدقات أعينهم روايات تحكي ولا تحكي تصرخ ولا تصرخ.. تحاول وتحاول.. نزعات روحي تبكي حالها ومازال صقيع اللحظة يجمد تلك الأجساد النحيلة ظروفها القاسية تشكي عظم الحال. ومازلت عابراً تلك الأحداث الصاخبة غامرت بحياتي.. في سبيل حقيقة سراب وتساقطت كرات الثلج في حلمي، وواقعي، مع مغرب حزين كانت صفائح الجليد تزيلهم عن ناظري.. بعيداً بعيداً. حيث لا أشاهدهم من جديد.. أصرخ في وجه الزمن: لن أعيش فوق الجليد.. لن أعيش فوق الجليد!!