المأزومون المصفقون لكل عهد لا يعرفون أبداً أنهم في أزمة هوان مستمرة، ولذلك تجدهم لا يتورَّعون عن مهاجمة الراحلين الكبار وإلقاء كل التبعات عليهم دون شرف ولا مسؤولية ولا حتى بقايا من أخلاق.. ينسون تصفيقهم ومدائحهم المسجلة بالصوت والصورة ولا يخجلون حينما يُذكَّرون بها. أن تكون مصفقاً وطبالاً في الأمس القريب ثم تتحول فجأة إلى ناقد ثائر على من كنت تصفِّق له بعد موته؛ فذلك يعني أنك مجرد كائن منتفع من كل عهد، ولست ناقداً حقيقياً أو صوتاً محترماً يستحق الإصغاء إليه أو حتى أخذه على محمل الجد، وتأملوا في كلام هؤلاء الآن ومقدار ما أصابه من تبديل. شيوخ وكتاب كنا نظنهم أصحاب عقل ورشد؛ نراهم يخرجون على الشاشة هذه الأيام ويمدون ألسنتهم بالإساءة لعهود سابقة، وكأنهم امتلكوا المعرفة الكاملة بالسياسة ودهاليزها دون غيرهم، أو كأنهم كانوا أصحاب رأي مخالف في تلك العهود.. عيب يا جماعة!! يتناسى هؤلاء المبجلون أن تلك العهود التي يحاربونها اليوم كانت داخل السياق، ولم تنفصل نهائياً عما هو مألوف. وكأنها لم تصد عنا رياحاً مسمومة ذات يوم.. عيب يا شطار!! المتلونون هؤلاء خطر على كل عهد وكل وطن وكل قيادة سياسية ناجحة؛ ببساطة لأنهم مجرد كائنات منتفعة تكذب ولا تقول الحقيقة، ولأنهم -وهذا هو الأسوأ والأكثر هواناً- مجموعة من الطبالين النزقين الذين لا يملكون فكراً أو رأياً له قيمة، وإن ارتفعت أصواتهم وراجت أسماؤهم بين البسطاء الطيبين. تلميحات بعض الشيوخ الأفاضل وبعض المثقفين "الإخوان" يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن جُرح الجماعة وما حصل لها في مصر هو المحرك الرئيس لكل مواقفهم، وأنهم يعتقدون أن قواعد اللعبة قد تغيرت بشكل عميق جداً؛ نعم تغيرت قواعد اللعبة أيها المحترمون لكن موقف بلادنا من الإرهاب والإرهابيين لم يتغير.. أليس كذلك؟!!