دعت فرنسا أمس الولاياتالمتحدة إلى «إصلاح الأضرار» التي لحقت بالعلاقات بين الدولتين الحليفتين إثر الكشف عن الممارسات «غير المقبولة» للاستخبارات الأمريكية في التجسس على ثلاثة رؤساء فرنسيين. وأمام البرلمان، قال رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس أمس إنه «على واشنطن أن تعترف بأن مثل هذه التصرفات ليست فقط خطيرة على حرياتنا بل عليها أن تبذل كل ما في وسعها وبسرعة لإصلاح الضرر الذي يلحق بالعلاقات بين دولتين حليفتين بين الولاياتالمتحدةوفرنسا». وأضاف «من الأفضل وضع مدونة حسن سلوك بين الدول الحليفة فيما يتعلق بالاستخبارات واحترام السيادة السياسية»، وأوضح أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند اجتمع بمجلس الدفاع؛ حيث تمت إدانة «الممارسات غير المقبولة لدولة صديقة». وأوضح فالس أن كشف هذه المعلومات «لا يشكل مفاجأة لأحد»، مشيرا إلى أنه «تم التطرق إلى هذا الموضوع بين صيف 2013 وزيارة الرئيس هولاند إلى الولاياتالمتحدة مطلع العام 2014. وكانت السلطات الفرنسية طلبت تفسيرات واضحة وصريحة. وكان أصدقاؤنا الأمريكيون قطعوا تعهدات يجب التذكير بها واحترامها بصرامة». وعلى إثر نشر موقع ميديابارت وصحيفة ليبيراسيون مساء الثلاثاء وثائق سرية سربها موقع ويكيليكس وتكشف عن عمليات تجسس مارستها واشنطن على هولاند وسلفيه نيكولا ساركوزي وجاك شيراك على مدى سنوات، أعلن هولاند أن حكومته تدين هذه «الوقائع غير المقبولة» ودعا إلى عقد اجتماع لمجلس الدفاع. وتم استدعاء السفيرة الأمريكية في باريس جاين هارتلي إلى وزارة الخارجية. ومن المفترض أن يبحث هولاند مع نظيره الأمريكي باراك أوباما في وقت لاحق اليوم القضية، وفق ما أعلن برلمانيان فرنسيان عقب لقاء في قصر الإليزيه. وأثناء لقاء الإليزيه الذي شارك فيه نحو عشرين مسؤولاً سياسياً أعرب هولاند عن تمنيه بأن تكرر الولاياتالمتحدة «التعهد الذي قطعته في 2013 بأن السلطات الفرنسية لن تكون هدفاً (للتنصت) بعد الآن». من جهته أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما مجددا أمس عبر الهاتف لنظيره الفرنسي فرنسوا هولاند تعهده ب «إنهاء ممارسات الماضي غير المقبولة بين الحلفاء» في مجال التجسس، كما أعلنت الرئاسة الفرنسية. ومن جهته أعلن المتحدث باسم الحكومة ستيفان لو فول أن المنسق الفرنسي للاستخبارات ديدييه لو بريه سيتوجه «خلال الأيام المقبلة» إلى الولاياتالمتحدة برفقة رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنارد باجوليه. والهدف من ذلك بحسب لو فول هو التأكد من صحة تطبيق واحترام التزامات العام 2013. وبحسب الوثائق السرية المنشورة فإن وكالة الأمن القومي الأمريكية تنصتت بين 2006 و2012 على الأقل على هولاند الذي انتخب عام 2012 وساركوزي (2007-2012) وشيراك (1995-2007). والمعلومات الجديدة المنشورة تنقل فحوى أحاديث بين المسؤولين الفرنسيين دون أن تفضح بشكل أساسي أسرار دولة. وأكد البيت الأبيض من جانبه أن الولاياتالمتحدة لا تتنصت على اتصالات هولاند، ومن غير المرجح قيام أزمة دبلوماسية دائمة بين البلدين. وأثار الكشف عن عمليات التجسس في فرنسا استنكاراً في أوساط الطبقة السياسية بكاملها من اليسار الحاكم إلى المعارضة اليمينية وصولا إلى أقصى اليمين. ولم ترد أي ردود فعل عن ساركوزي وشيراك. ومن اليمين طالب السيناتور فرنسوا باروان وزير الاقتصاد السابق في عهد ساركوزي ب «رد قوي من الرئيس» هولاند، معتبرا أن «هذه القضية هي فضيحة ويجب طلب توضيحات». وتساءل الحزب الاشتراكي الحاكم «كيف يمكن لبلد يضع الحريات الفردية فوق كل اعتبار أن ينتهكها؟». ودعت رئيسة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبن وأبرز وجوه اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون إلى وقف المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة حول اتفاقية التبادل الحر عبر ضفتي الأطلسي.