يحسب للمملكة اليوم أنها من أوائل من ناصر السوريين في أزمتهم الراهنة وهم يواجهون آلة الموت والتعذيب من قبل نظام لم يعد يستحيي لا من الله ولا من العالم. وسبق أن كتبتها في أكثر من مكان إن مساندة أهل الحق في البلدان التي ثار أهلها على الظلم والطغيان هو استثمار مهم في المستقبل. من مصلحة الأمن القومي الخليجي أن تنتصر الشعوب العربية على أنظمة الاستبداد التي تلحفت بالقضية الفلسطينية ومحاربة «الاستعمار» كغطاء يبرر استبدادها واستعمارها لشعوبها. ما قابلت سورياً خلال الأشهر القليلة الماضية إلا وقد أثنى على الموقف الخليجي عموماً والسعودي بشكل خاص تجاه مأساة السوريين. من مصلحتنا في دول الخليج أن نبني علاقات من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع الأجيال القادمة في العالم العربي. أولى بذور هذه الخطوة تأتي في مساندة هؤلاء المتعطشين لتنمية إنسانية حقيقية ومساحة من الحرية في التفكير والبناء. لقد قمعت الشعوب العربية طويلاً في البلدان التي زعمت قياداتها أنها منشغلة بالدفاع عن قضايا الأمة ومستقبلها. لكن حالة السوء في تلك البلدان وصلت لدرجة لم يعد ينفع معها الصبر والأمل في غد أفضل. التغيير اليوم هناك حقيقة على الأرض. ولهذا فإن من المصلحة – بعد الواجب الإنساني – أن نساند هذه الشعوب وهي تتلمس خطاها نحو مستقبل أفضل. ومهما انقسم اليمنيون حيال المبادرة الخليجية فإن واقع اليمن الجديد جاء نتيجة لتدخل دول مجلس التعاون مما فتح أمام اليمن صفحة جديدة كانت أفضل المتاح. يبقى التحدي الأكبر هو دعم أهلنا في سوريا في ثورتهم ضد الاستبداد والإذلال الذي أطبق عليهم منذ أربعة عقود. وما هي إلا أشهر قليلة وتفتح صفحة جديدة في بلاد الشام تعيد الحق لأهله بعد طول غياب.