علق سمو الأمير عبدالله بن مساعد الرئيس العام لرعاية الشباب في معرض زيارته إلى منطقة تبوك بدعوة من أمير المنطقة، وكمسؤول يملك حساً عالياً في مراجعة كل المشاريع الشبابية وأوجه القصور التي تعتريها. الأمير الذي أجد نفسي كإعلامي مُهتما بمستوى أدائه منذ توليه حقيبة الرئاسة البائسة على مر السنين، يقدم أنموذجا يُحتذى في متابعة كل التفاصيل الشبابية في أرجاء الوطن، وأجزم أن المسؤول كان موفقاً إلى حد بعيد في اختياره لأسباب كثيرة. أعود إلى تعليق الأمير وجزئية سهم النقد الذي صوبه نحو الإعلام، مُتهماً إياه بإثارة التعصب ومتأسفاُ على الحالة التي وصل إليها. هذا الاتهام ليس بجديد فقد طرقه مسؤولون كثر وصلت ببعضهم الحال حد التجني. لا اختلاف أن للإعلام أخطاء، ولاشك أن بعض رواده أساءوا إليه، لكن القياس على هذا النحو غير دقيق ويحتاج إلى تأن أكبر. فالإعلام شكل عبر تاريخه الطويل شراكة حيوية انعكست على هيئة نجاحات استأثرت بالمشهد الرياضي العام. الإعلام يا أمير قدم عملاً نقدياً صريحاً وواضحاً عن أخطاء بالجملة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وفي اتحاد الكرة وفي الأندية كمؤسسات، واللاعبين والرؤساء والأجهزة الفنية كأفراد. وكشف النقاب عن كوارث رياضية تمس اللعبة ومستقبلها، وهو من أمضى عمره يتحدث عن تأخر رياضة الوطن في ظل تقدم منافسيها، وهو من شكك في حبكة قصة مستقبل المنتخبات الوطنية، وهو من أنبأ عن فيروس الترهل والتعثر في مشاريع الرئاسة، ومن ناقش علناً تبديد ملايين الريالات. الإعلام جسد أمام الرأي العام كاريكاتيرا رياضيا ساخرا ليوجز قصة الارتجالية في العمل، وكان سلطة رابعة واضحة المعالم لم تسمح بتمرير موقف لهدف شخصي. غيرة الإعلام على رياضة الوطن وعدم خنوعه في مناسبات كثيرة وتقديمه الحقيقة تلو الأخرى دون مواربة، لا تستحق تعميم وصفكم له بالسيئ، في حين أن كثيرين من من الرياضيين ورؤساء أندية ومسؤوليها، فضلوا الصمت حيال تجاوزات رياضية يمكن وصفها اليوم بالفساد. قد يُذكي الإعلام تعصباً وهو ما أتفق معك فيه، إلا أنه تعصب ليس وليد اليوم بل يملك سجلاً حافلاً وراسخاً في المنافسات المحلية، حتى أصبح سلوكاً طبيعياً لا يعاقب عليه نظام ولا لائحة. التعصب في منافساتنا يمكن تحجيمه متى تعاونت الرئاسة وأطراف العلاقة، لكن الأمر يحتاج إلى رؤية وعمل وصبر ومبادراتكم الأخيرة خطوة في الاتجاه الصحيح. إن تعميم الحديث عن الإعلام من قبل سموكم يخالف مصطلح «كل وبعض» كمفهوم تومئ إليه القيم الإسلامية وهو تعميم يخلط كل الأوراق وقد يُبقي الأمور كما هي. سمو الأمير سأحكي لك قصة عن إدارة بلغت من العمر عتياً، لم تقدم رؤية حقيقية، تكيل بمكيال المجاملة والمحاباة، لا تعرف من المصلحة العامة سوى اسمها، أفكارها بائدة، حراكها الترزز في المناسبات الكبيرة، تعاني العوز إلى قريب، ولا تنهض بأصغر مسؤولياتها، فروعها تعتمد الوساطة ولا تعرف رائحة التقنية تعاني الرعاش والضعف أنظمتهما بالية، تسمع بالتطور ولا تراه، دورها المسؤول فيها إداري يحضر المناسبات ويوزع الابتسامات، رؤساء الأندية فيها صوريون يترشحون بالتزكية يفردون عضلاتهم في الملعب وأمام الشاشات وعلى أعمدة الصحف، يتحدثون ويتهمون ويتجاوزون وفي النهاية يصافحهم المسؤول ويبتسم لهم. سمو الأمير، الله يصلح الحال، ومبارك عليكم الشهر.